كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[شبهات الفقيه حول إمامة علي # والرد عليها]

صفحة 368 - الجزء 3

  فأما قوله [أي فقيه الخارقة]: «وكذلك الوصي أيضاً لا يقال: إنه يملك التصرف في حياة الموصي، بل لا يملك التصرف إلا بعد موته».

  فالجواب: أنه لو كان لا يملك التصرف إلا من بعد موت الموصي، لكان لقائل أن يقول فما الذي أوجب ملكه للتصرف بعد موته، إن كان هو موته فليس بموته يصح تصرف زيد في ماله أولى من عمرو، بل الوارث أولى، وإن قال: أوجبه الوصية بشرط الوفاة إن لم يعزله فذلك قولنا.

  وأما قوله [أي فقيه الخارقة]: «ولهذا يجوز أن يعزله الموصي بعد الوصية ويوصي إلى غيره».

  فالجواب: أن هذا لا خلاف فيه، ولكن فيه دليل على أنه قد تعلق بالوصية إليه حكم، ولولاه لما احتاج إلى عزله؛ لأنه لو لم يتعلق به حكم لكان مثل سائر الناس في أنه لا يحتاج إلى عزلهم، فلما تعلق به العزل وحده على وجه لولا العزل لجاز له أن يتصرف في مال الموصي وأحواله، دل على أنه قد ثبت له أمر في حال حياته، وهو ما ذكرنا في استحقاق التصرف، وجواز نفاذه بعد موته.

  على أن الآية لو دلت على ثبوت إمامة علي # في وقت النبي ÷ وبعده، لكان لنا أن نخرج وقته ÷ من ذلك؛ لإجماع الأمة على أنه ليس لأحد التصرف في وقته إلا من تحت إذنه، وبقي سائر الأوقات من عقيب وفاته داخلاً تحت الاستدلال، وهذا أمر بيّن بحمد الله.

  وأما قوله [أي فقيه الخارقة]: «ولم تأت بدليل على دعواك حتى ننقضه ونبطله، وإنما الموصى إليه يملك التصرف بعد الموت بالوصية، بشرط بقاء الموصي على الوصية إليه».

  فالجواب: أنا قد أتينا بدليل المسألة، وأن علياً # هو الإمام بما لا يستطيع على دفعه، وأجبناه عن سؤاله، بأنه يكون إماماً في وقت النبي ÷ بوجهين؛ أحدهما: أنه وإن كان إماماً في وقته فإنا نخرج زمان النبي ÷ من ذلك