كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[حديث المناشدة من ثلاث طرق]

صفحة 379 - الجزء 3

  وعزوب الرأي؛ لكنه لما علم أن فيه من الاحتجاجات ما يسكته وأمثاله، فنحن نحكي له من غير هاتين الطريقتين، فإن قبل نفعه، وإن لم يقبل فالحجة عليه يوم القيامة؛ فنقول:

[حديث المناشدة من ثلاث طرق]

  حكى الشيخ الإمام العالم الدين أبو الحسن علي بن الحسين بن محمد الزيدي سريبحان - رحمة الله عليه - قرأه عليه الفقيه الإمام أبو الحسين زيد بن الحسن بن علي - أعزه الله - قال الشيخ الإمام: أخبرني والدي ¥ قال: أخبرنا الشريف


= وغيره - هؤلاء قوم أعمت العصبية أعينهم فضلوا عن النهج الواضح، وتركوا بينات الطريق، ضلالاً وقلة معرفة بأساليب الكلام.

وأنا أوضح لك مختصراً ما في هذا الخاطر من الغلط، فأقول: لا يخلو إمَّا أن يكون كل (نهج البلاغة) مصنوعاً منحولاً أو بعضه، والأول باطل بالضرورة؛ لأنا نعلم بالتواتر صحة إسناد بعضه إلى علي #، وقد نقل المحدثون كلهم أو جلهم والمؤرخون منه وليسوا من الشيعة لينسبوا إلى غرض في ذلك. والثاني يدل على ما قلناه؛ لأن من قد أنس بالكلام والخطابة، وشد أطرافاً من علم البيان، وصار له ذوق في هذا الباب، لا بد أن يفرق بين الكلام الركيك والفصيح، وبين الفصيح والأفصح، وبين الأصيل والمولد، وإذا وقف على كراس يتضمن كلاماً لجماعة أو لاثنين من الخطباء فقط، فلا بد أن يفرق بين الكلامين ويميز بين الطريقتين. ولذا حذفوا من شعر أبي تَمَّام قصائد منحولة إليه لمباينتها لمذهبه في الشعر، وكذا حذف العلماء من شعر أبي نواس شيئاً كثيراً؛ لَمّا ظهر لهم أنه ليس من ألفاظه ولا من شعره، وكذا غيرهما من الشعراء، ولم يعتمدوا في ذلك إلا على الذوق خاصة. وأنت إذا تأملت (نهج البلاغة) وجدته كلاماً واحداً، ونَفَساً واحداً، وأسلوباً واحداً، كالجسم البسيط الغير المختلف الأبعاض في الماهية، وكالقرآن أوله كأوسطه، وأوسطه كآخره، يماثل بعضه بعضاً في المأخذ والمذهب والفن والطريق؛ فلو كان بعض (نهج البلاغة) منحولاً وبعضه صحيحاً لم يكن كذلك، فقد ظهر لك ضلال من يزعم أن بعضه منحول إلى أمير المؤمنين #.

واعلم أن قائل هذا القول يطرق على نفسه ما لا قبل له به؛ لأنا إذا فتحنا هذا الباب وسلطنا الشك على أنفسنا لم نثق بصحة ما ينقل عن رسول الله ÷ أبداً، وساغ لطاعن أن يطعن ويقول هذا الخبر منحول، وكل ما جعله الطاعن مستنداً له فيما يرويه عن النبي ÷ والأئمة والصحابة والخطباء والمترسلين، فَلِنَاصِرِيْ أمير المؤمنين أن يستندوا إلى مثله فيما يروونه من (نهج البلاغة)، وهذا واضح. انتهى باختصار وبعض تصرف. تمت كاتبه.