كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[دعوى الفقيه أن خبر الغدير لا يراد به الإمامة والرد عليها]

صفحة 389 - الجزء 3

  وولده من القتل والتطريد والتشريد، وعلم بخروج الخوارج على علي # وأنهم يكفِّرونه⁣(⁣١)، وأنه يقاتل عن حقه في وقته، وقد كان أخبره به النبي ÷ حتى قالت الخوارج فيه: آمن صغيراً، وكفر كبيراً.

  والكلام⁣(⁣٢) عليه في ذلك: أن تأويله في هذا لا يمنع من الاستدلال بالخبر على إمامته #؛ لأنه لا تنافي بينهما، فيصح الجمع بين معنى الإمامة، ومعنى التحذير من الخروج⁣(⁣٣) عليه، وعن مقاتلته، وعلى أنه يلزمه مثل ما ألزمنا في مواضع، من أن النبي ÷ أخبر أنه مولى المؤمنين، ولم يكن مولى لهم في الحال عند هذا المخالف، فيخالف مخبره خبره.

  فإن قال: الاستحقاق حاصل في الحال، ونفاذ التصرف يثبت في المستقبل. قلنا: فارض منا بمثل ذلك، ويكون ملك التصرف ثابتاً في الحال، ووقوعه يثبت في المستقبل، وذلك هو معنى الإمامة، فتثبت إمامته # كيفما دارت القضية.

  فأقول⁣(⁣٤) وبالله التوفيق: أما قوله: لم يذكره لعلمه بأنهم عارفون به؛ فأقول: ليس الأمر كما زعمت، فإنك تقول: إن الصحابة جهلوا معاني هذه الأحاديث، ولم يعرفوا أن المراد منها ولاية علي # بعد النبي ÷ وإن عرفوا ألفاظها،


(١) قال ¦ في التعليق: قد تقدم للفقيه في حديث إلحاق الذرية في البيعة، في الجزء الثاني إنكاره للحديث، وقال: (لا معنى له لظهور الإسلام وقوته وزوال الخوف).

وها هنا أَقرَّ بما تراه من أن رسول الله ÷ علم بما يحدث في ولده وأهل بيته من القتل والتشريد والتطريد، وأعلم علياً بذلك. وتأول [الفقيه] خبر الغدير بأن المراد به التحذير ممَّا يقع بعترته ونسي ما قدمه؛ مغالطة أوخذلاناً.

فلنا أن نجيبه هنا بما قدمه: من قوة الإسلام وزوال الخوف، ونجيبه هناك بما أقرّه هنا: من علم النبي ÷ وخوفه على أهل بيته، هل هذه إلا مناقضة؟! وهل يصلح مثل هذا للمعارضة؟! والحمد لله على كل حال. تمت كاتبها (غفر الله له).

(٢) الكلام للشيخ محيي الدين ¥.

(٣) – وفي (نخ): الخوارج.

(٤) القائل فقيه الخارقة.