[دعوى الفقيه أن خبر الغدير لا يراد به الإمامة والرد عليها]
  وأن علياً # عرف ذلك.
  فنقول: فقد كان الواجب على علي # بيان معاني هذه الأحاديث للصحابة ¤، وتقريرهم على ذلك، فإن قبلوا ذلك فقد حصل المقصود، وإن ردوه ولم يقبلوه كان علي # قد أدى ما وجب عليه من النصيحة وإظهار العلم، الذي توعد النبي ÷ على كتمه فقال: «من كتم علماً يعلمه أُلجِم يوم القيامة بلجام من نار» بل قد ذم الله ø من كتم العلم في كتابه في غير موضع، وقد صرح إمامُك في رسالته في نثره ونظمه، فقال ما تبجح به وأنشده من قبله، واستدل به على صحة سلوك سبيله:
  قَدْ عُرِّفُوا طُرَقَ التَّقْدِيمِ لَوْ عَرَفُوا ... لكِنَّهُمْ جَهِلُوا وَالْجَهْلُ ضَرَّارُ
  فينبغي على أصلك هذا أن يكون عَلِيٌّ أعظم وزراً منهم بتقدمهم؛ لأنهم تقدموا عن جهل، وهو سكت عن علم، وفي سكوته تغيير الأحكام، وتبديل الحلال بالحرام، ونعوذ بالله من قائل هذا ومعتقده؛ لكنا نقول: إنه لما علم علي # أنه ليس المراد من هذه الأحاديث ما زعمت، لم يذكرها، ولم يظهرها، على أنه في زمن معاوية قد ذكر حديث المناشدة، واستدل به(١) فدل على بطلان قولك، وسقوط أصلك».
  فالجواب: أنه يجب النظر في الدليل وفي كونه دليلاً هل يصح أم لا؟ فمتى صح
(١) قال ¦ في التعليق: يقال على الفقيه: إقرارك بأن علياً ذكر حديث المناشدة زمن معاوية واستدل به، فيه رَدٌ عليك، وأن ثَمَّ دليلاً من الحديث على إمامته وإلا فما وجه استدلاله بما في حديث المناشدة ولم يكن دليلاً من قبل؟ هل ما فيه من المناقب لم توجد إلا بعد المشائخ؟ أم كانت حاصلة من قبل كما هو المعلوم، إذ هي عن رسول الله وفي أيامه ÷، لكن دلالتها موقوفة على انقضاء أيام المشائخ! فما الموجب لتأخر زمن دلالتها؟ أم تقول إن علياً استدل بها أيام معاوية وليس فيها دلالة، فكيف وهو أعلم الأمَّة، والمبين لها، والشاهد، وباب العلم والحكمة؟ كلاَّ؛ إنه لا يستدل إلا بما فيه حُجَّة ودلالة، والدلالة لا تتخلف عن المدلول، فما كان من دليل سمعي يستدل به زمن معاوية فهو دليل يستدل به قبله، مع أنه لا مخصص لزمان دون آخر، لا شرعي ولا عقلي.