[إلزامات الفقيه لكاتم العلم وبيان أن عليا (ع) لم يكتم]
  فلينظر الفقيه لو كان الدخول تحت البيعة واجباً عقيبها؛ لما جاز له التأخر إلى المدة التي حدث في أثنائها ما حدث، وعلى أنه لم يُعلم منه # تقصير في تعريف ما تدل عليه النصوص من إمامته؛ لمن علم أنه لا يظهر منه بذلك صدع في الإسلام، ومتى كان ذلك مجوزاً لم يتعين عليه فرض البيان لذلك للباقين، لأن غيره قد وجب عليه أيضاً، فصار من فروض الكفايات بعد أن كان معيناً على الأعيان.
[إلزامات الفقيه لكاتم العلم وبيان أن علياً (ع) لم يكتم]
  وأما استدلاله بالأخبار على وعيد كاتم العلم.
  فالجواب: ما قدمنا من أن ذلك يجب إذا تكاملت شروطها، وأما عند اختلالها فلا يجب، بل قد يقبح وقد يجوز؛ فأما الوجوب فيسقط بذلك، وعلى هذا وقع التخيير لعلي # في القيام في أوقات المشائخ وبعدهم كما في الخبر: «فإن قمت فالجنة، وإن قعدت فالجنة» لما كان القيام غير متعين عليه، لما فقد من شرائط الوجوب، وبعد ذلك عند التمكن وإزاحة العلة قال ÷: «إن قمت فالجنة، وإن قعدت فالنار».
  وأما قوله [أي فقيه الخارقة]: «فينبغي على أصلك أن يكون عَلِيٌّ أعظم وزراً منهم بتقدمهم، لأنهم تقدموا عن جهل، وسكت عن علم».
  فالجواب: أنهم تقدموا عن جهل، ولولاه لما تقدموا(١)، وسكت عن علم، لأنه علم أن كلامه لا تأثير له، بل يؤدي إلى ضرر أعظم مما فعلوه، فصح أنهم تقدموا عن جهل لا محالة، وأنه أولى بالأمر منهم، وصح أنه سكت عن علم بأنه
(١) قال ¦ في التعليق: بأي وجه جهلوا والأدلة لا زالت توارد لمشاهدتهم وهم أعرف بوجوه الدلالات من دون كلفة نظر؟! بل قد صرح الإمام فيما مرّ أنهم أعرف، وقد صرح بأنهم خالفوا الكتاب والسُّنَة، وأنهم عصوا الله وظلموا بإجماع العترة وبموجب الأدلة، لكن يظهر لك أنما هو تلفيق وتجميل من الإمام، ويكفيه في تجميل حالهم ما أصَّله من أن معصيتهم محتملة للكبر والصغر.
وقد مرّ رواية الإمام لقول علي #: (وايم الله إنكم لتعرفون مَنْ أولى الناس بهذا الأمر)، حَكَمَ علي وجزم بمعرفتهم، ويقول هنا: جهلوا!؟ إن هذا لمن العجب. تمت كاتبه |.