[حوار حول لفظة (مولى) الواردة في خبر الغدير]
  ماذا؟ وقال الشاعر(١):
  إنَّ الذي سَمَكَ السَّمَاءَ بَنَى لَنَا ... بَيْتاً دَعَائِمُهُ أَعَزُّ وَأَطْوَلُ
  وهو لا يريد تعظيم مناقضه، ولا اشتراكه في عزه وطوله، فكيف جهل ذلك وهو يدعي المعرفة في هذا الفن، أو أراد التشغيب في أمر قد عرفه، فهذه غير طريقة أهل الحق.
  وعلى أنه يصح بقاؤها على الاشتراك، بأن يفعل الكفار شيئاً من الطاعات، عقلية كانت أو شرعية في أوقات أنبيائهم، ثم يتعقبها شركهم أو يقارنها، فيجتمع استحقاق قسط من الثواب، وآخر من العقاب أعظم وأكثر، فيغلبُ الأكثرُ الأقل، فيزيل حكمه، فما في هذا من إشكال.
  وعلى أن لفظة أفعل قد ترد للاختصاص في كثير من المواضع، على وجه لا يقع فيها شركة، حتى يقال: للرجل أولى بزوجته وبالاستمتاع بها من الأجنبي، والمتداعيان السلعة ونحوها؛ فالأولى بها من قامت له البينة العادلة، ولا يدل ذلك على بقاء الاشتراك، بل يدل على قطع الإشتراك رأساً.
  فأقول(٢) والله المعين والمسدد: أما قوله: قد صح أن الكفار مخلدون في النار؛ فكما قال، وقوله: قد صح أن لفظة مولى بمعنى أحق وأولى في هذا الموضع؛ فلو سلمنا أن موضوعها باق على الاشتراك؛ لكان هذا الإجماع مخصصاً للتعميم، فقولك: بأن الإجماع على طرد الكفار مخصص لتعميم الاشتراك كما ذكرت، فهو كما قلت، ولكن أين وزانه من مسألتنا هذه؟ وأين الإجماع الذي وقع بينك وبين خصمك على ما تروم وتقصد؟ بل هو منازع لك، فما يفيدك الاستدلال بالإجماع - بأن الكفار مخلدون - على شيء لا يوافقك فيه خصمك بل يناقضك».
(١) هذا الشاعر هو الفرزدق.
(٢) القائل فقيه الخارقة.