[دعوى الفقيه أن «من كنت مولاه» ليس معطوفا على ما قبله، والرد عليه]
  مَوْلَاكُمْ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ١٥}[الحديد]، معناه هي أولى بكم، وجب حمل هذه اللفظة على أنه أراد بها الأولى؛ لأن ذلك يقتضي ارتباط بعض الكلام ببعض، فيكون ذلك أتم لفائدته، ويكون تقديم لفظة أولى قرينة توجب صرف هذا اللفظ إلى هذا المعنى، كما يجب صرف الخطاب من تعريف الجنس إلى تعريف العهد لتقدم ذكره.
  ولو كان لرجل عشرة عبيد، ثم وصف أحدهم بحسن الخدمة، وجميل العشرة، وذكره دون عبيده، ثم قال: فاشهدوا أن العبد حر؛ لوجب صرف هذا الكلام إلى ذلك العبد المذكور أولاً، دون غيره من عبيده، وليس ذلك إلا لتقدم ذكره.
  كذلك ما نحن فيه، يجب صرف قوله: «مولاه» إلى معنى الأولى، ويصير كأنه قال: (فمن كنت أولى به من نفسه فعلي أولى به)، ولا شك أن الأولى هو الأحق والأملك للتصرف فيهم، وذلك يفيد ثبوت الإمامة؛ لما ذكرنا أن المراد بها ملك التصرف على الكافة.
  فإذا كان # أملك بالتصرف فيهم فقد ثبت هذا المعنى وزيادة، وقد روي هذا المعنى عن النبي ÷، وذلك ثابت فيما رويناه بالإسناد الموثوق به إلى جعفر بن محمد الصادق @ أنه سئل ما أراد النبي ÷ بقوله لعلي: «من كنت مولاه فعلي مولاه»؟ فاستوى جعفر قاعداً ثم قال: سئل عنها والله رسول الله ÷ فقال: «الله مولاي أولى بي من نفسي لا أمر لي معه، وأنا مولى المؤمنين أولى بهم من أنفسهم لا أمر لهم معي، ومن كنت مولاه أولى به من نفسه لا أمر له معي؛ فعلي مولاه أولى به من نفسه لا أمر له معه» وهذا نص صريح فيما رمناه من ذلك.
  وأما قوله: «إما في قصة زيد بن حارثة كما ذكرنا من قبل».
  فالجواب: أنه لا يصح؛ لأنه روي أنه قاله ÷ عند منصرفه من حجة الوداع، وزيد قتل بمؤتة، وذلك قبل حجة الوداع بمدة، وعلى أنه لو لم يفد إلا