[تأخر أمير المؤمنين (ع) عن بيعة أبي بكر]
  هذا القدر لما ذكره # في فضائله، ولما كان لقول عمر: (لقد أصبحت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة) معنى.
  وعلى أنه لو حمل على أن هذا سببه لم يكن قادحاً في دلالته على إمامته #؛ إذ لا تنافي بينهما، فلا يقصر حكمه على سببه، بل يطلب معنى الخطاب، وهو دلالته على إمامته #؛ إذ الحجة هو الخطاب دون السبب، وذلك ظاهر.
  وأما قوله: «أو يريد أنه من كنت ناصره ووليه فإن علياً ناصره ووليه».
  فالجواب: أنه لا يجوز أن يخبرهم ÷ بشيء هم عارفون به؛ فكيف يقف بهم في الحر الشديد، ويحط في غير وقته؛ ليعلمهم بما هو معلوم عندهم(١)؛ بل ذلك تعريف منه ÷ بشيء هم غير عارفين به، وأنه لأمر عظيم الخطر لم يكن حاصلاً لهم قبل ذلك، ولهذا قال عمر لما سمع هذا الكلام من النبي ÷: بخٍ بخٍ لك يا ابن أبي طالب، أصبحت مولاي ومولى كل مؤمن، وفي رواية أخرى: كل مؤمن ومؤمنة؛ فصح ما رمناه، وبطل ما حمله عليه الفقيه بحمد الله تعالى.
[تأخُّر أمير المؤمنين (ع) عن بيعة أبي بكر]
  ثم قال: «قال القدري: وما ذكر(٢) من أن معناه الإخبار عن صدق باطنه، وخلوص طويته، وأنه على ذلك إلى وقت موته، وأنه يوالي من والى رسول الله ÷ ويعادي من عاداه، لا تأخذه في الله لومة لائم - فإنه(٣) لا ينافي معنى الإمامة، بل يكون مؤكداً، ومبيناً لفضله على أجلة الصحابة، إذ فيه معنى العصمة كما قدمنا، ويفيد أنه أولى بالإمامة وأحق من غيره، ويفيد أن تأخره عن
(١) قال ¦ في التعليق: وهذا جواب في ناصره، وأمَّا وليه فهو كمولاه في وجوب حمله على مالك التصرف؛ لأنه من معاني الولي كما مرّ تقريره في آية: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ} ... إلخ، فإن حاول الفقيه حمل ولي الذي ادعى أنه معنى مولى على غير مالك التصرف كان جوابه ما ذكر الإمام هنا من أنه لا يجوز أن يخبرهم بشيءٍ هم عارفون به ... إلخ.
(٢) أي الفقيه في رسالته الدامغة من قوله: الإخبار ... إلى: لومة لائم.
(٣) بداية كلام الشيخ محيي الدين ¥.