كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[تأخر أمير المؤمنين (ع) عن بيعة أبي بكر]

صفحة 407 - الجزء 3

  البيعة لأبي بكر كان حقاً وصواباً؛ لأنه كان أولى بالإمامة منه، وإذا احتمل اللفظ معنيين، أو معاني لا تنافي بينها وجب الجمع بينها، ما لم يكن هنالك مخصص؛ فنقول في هذا الخبر: إنه يفيد الإمامة والعصمة ووجوب الموالاة، والقطع على مغيبه، وصحة ما قاله أو فعله أو تركه أو اعتقده.

  فنقول وبالله التوفيق: لقد أكثر الرجل الدعوى، ولم يأت بدليل ولا صحح معنى؛ أما قوله: فإنه لا ينافي معنى الإمامة؛ فنقول: لو سلم لك خصمك ما تقول، أو لو أوضحت الدليل».

  فالجواب: أنه أراد بكلامه هذا الاستفهام: هل الإمامة تصح لو سلم لك خصمك ما تقول؟

  فالجواب: أنه ينقطع نزاعه بالتسليم، والأصل هو إقامة الدليل، سلم الخصم أو نازع، وقد دللنا على أن النبي ÷ أراد بقوله: «فعلي مولاه» هو ملك التصرف فيهم، والرئاسة عليهم، كما كان ذلك ثابتاً للنبي ÷، وهذا جواب عن قوله: ومن سلم لك صحة ما تذهب إليه.

  ثم قال: «وأما قوله: ويفيد أن تأخره عن البيعة يكون حقاً وصواباً، لأنه أولى بالإمامة منه - فليت شعري من أين علمت هذه الدعوى التي تقول؟ وما دليلك عليها؟ بل خصمك في عكس هذا عليك أوضح منك حجة، بل لا حجة لك أصلاً؛ لأنه⁣(⁣١) يقول: لو علم علي # من هذا الحديث وغيره أن المراد به الإمامة لما وسعه السكوت عن ذلك، ولا معنى لقولك: سكت مخافة شق العصا؛ لأنه لم يبال بشقها في زمنه أو تقول: أكره على البيعة، وجبر عليها؛ فلقد عجزته وضعفته».

  فالجواب: أنا علمنا⁣(⁣٢) ما طلب منا علمه، بأنه صاحب الأمر، وأحق


(١) أي الخصم.

(٢) جواباً على قول الفقيه: من أين علمت.