[عودة إلى معنى «من كنت مولاه فعلي مولاه»]
  ثم قال: «قال القدري: وأما اعتراضه بعد ذلك، بأن ما ذكر النبي ÷ في حق علي؛ هو تمهيد وتوطئة بين يدي كلام يريد ذكره؛ ثم أتى بكلام مستأنف بعده قال(١): وهو بمثابة ما لو قال: ألست نبيكم، ومبلغ الوحي عن ربكم، وناسخ شرائع من كان قبلكم، فإذا قالوا: بلى قال: «من كنت مولاه فعلي مولاه» ومعناه أيضاً عائد إلى الأول.
  فالكلام(٢) عليه في هذا الاعتراض: أنا أوجبنا تعلقاً بين العطف والمعطوف عليه كائناً ما كان، ففي الأول وقع الاشتراك في ملك التصرف فوجب حمله عليه، حتى أنه لو صرح به فقال –عَلَيْه [وآله الصلاة و] السَّلام -: ألست أملك التصرف عليكم؟ قالوا: بلى؛ قال: فمن كنت أملك التصرف عليه فعلي يملكه، لكن اقتضت المصلحة الدينية أن يظهر المعنى بنظر سديد، كما في الآيات المتشابهات، وغيرها من الخطاب الشرعي المحتمل لمعاني حقيقية أو مجازية، على ما ذلك مذكور في مواضعه في كتب الأصول، وإلا فغير ذلك اللفظ أوضح وأكشف.
  أو يقول: بايعوا هذا بعد موتي على أنه الإمام، ولا تبايعوا هذين ولا سواهما، ولا حق لأحد في الإمامة إلا هو؛ ولكن فما التكليف بمرادنا ولا مراد الفقيه، بل هو يقع على وجوه لا يعلم وجه الحكمة فيها إلا من فَهَّمَهُ الله تعالى معانيها، ولهذا ورد في كتابه تعالى المجمل، والعموم، والمتشابه إلى غير ذلك.
  فاعتراض الفقيه كاعتراض منكري الإسلام في قولهم: لم خاطب بالمتشابه؟ ولم ذكر العموم وهو يريد الخصوص؟ قلنا: لمصلحة تعلق بها التكليف؛ لأنه قد ثبت كونه حكيماً والحكيم لا يفعل إلا الحكمة، وفي هذا الموضع لا بد أيضاً من معنى اشترك فيه العطف والمعطوف عليه، وهو ما قرره ÷ من كونه نبياً،
(١) أي فقيه الخارقة في الرسالة الدامغة.
(٢) بداية جواب الشيخ محيي الدين ¥.