[عودة إلى معنى «من كنت مولاه فعلي مولاه»]
  ومبلغاً للوحي عن الله تعالى، وناسخاً لشرائع من سبق، من حيث قد عرفوا صدقه في هذه الدعاوى، بظهور المعجزات الباهرة، والآيات الظاهرة، مطابقة لدعواه الصادقة، وأنها لا تظهر على يدي كاذب.
  قال لهم حينئذ: وإذا علمتم أني صادق فيما أخبرتكم به، فمن جملة ما أخبركم به أن من كنت مولاه فعلي مولاه، فصدقوني في هذا كما صدقتموني فيما قبله.
  وتبقى لفظة مولى مستقلة بنفسها، معرضة للاحتمالات، غير مضافة إلى شيء متقدم، إلا أن يقع الترجيح بأحد الوجوه المتقدمة؛ إما بأن الأولى هو الأظهر والأشهر فيحمل عليه، وإما بأن يحمل على جميع المعاني فيدخل فيها الأولى، إذ كان من جملتها.
  وإما أن يذكر المعاني ويحمل على ما يحتمله، ويبطل ما لا يحتمله، بعد أن تعرض عليها واحداً واحداً، وليس للمعترض في هذا فرج؛ لأن أكثر ما في المثال أن يرجع إلى أحد الوجوه الثلاثة الأول، وكل واحد منها كاف في وجه الدلالة على إمامته #، فكيف وقد وقع العطف بما قدمنا مما يحتمل معنى الإمامة.
  وهذا كلام ظاهر عند من كان ذا خبرة بهذا الفن، قال الله ø: {إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلَاغُ}[الشورى: ٤٨]، وكذلك ما ذكر أن سببه ما وقع بين علي # وبين أسامة، فإنه إن صح لم يناف ما حملناه عليه أولاً، وإن كان فيه معنى المثال الثاني الذي ذكره عاد الكلام إلى ما فصلناه هنالك، فليتدبر ذلك إن كان من أهله، أو يراجع من له خبرة بعلم الأصول، وعنده درية ومحصول، لعله أن يطلع على معرفة المراد، والله الموفق للسداد.
  فنقول(١) وبالله التوفيق: أما قوله: إنَّا أوجبنا تعلقاً بين العطف والمعطوف عليه كائناً ما كان، ففي الوجه الأول وقع الاشتراك في ملك التصرف فأول ما في
(١) القائل فقيه الخارقة.