[دعوى الفقيه احتمال مولى لعشرة معاني وأن الأولى ممتنع والرد عليها]
  وأما الأمر الثاني: فلما يلزم في هذا من تضعيف علي # وتعجيزه عن أخذ حقه، ولوقوع الخبر بخلاف ما أخبر النبي ÷، ولنسبة الصحابة وسائر الأمة إلى الجهل والظلم، والدخول فيما يسخط الله، وقد شهد الله ورسوله لهم بخلاف ذلك.
  وأما الذي يحتج(١) به على أن المراد به هاهنا الولي؛ فنقول: لما قال النبي ÷: «من كنت مولاه فعلي مولاه» وكانت هذه اللفظة مجملة محتملة معاني كثيرة، بين ذلك في الحديث الثاني وأعلمنا ما المراد من هذا الإجمال، فقال في الحديث الطويل الذي أورده هذا الإمام في رسالته، واتفقنا على صحته، وموضع الحجة منه: ثم أخذ بيد علي بن أبي طالب فرفعها، فقال: «من كنت وليه فعلي وليه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، –قالها ثلاثاً -».
  فنقول: ليس بعد بيان النبي ÷ في هذا بيان، وقد كفانا النبي ÷ مؤنة النزاع، وعرفنا ما المراد والمقصود، فعدولنا عن ذلك ضرب من الجهل، والسفه، وطلب ما لا يدرك، ولا يحصل منه على طائل.
  فما تقول في هذا الحديث؟ أتنكره وقد نقله إمامك؟ أم تعترف بصحته وتقول بموجبه؟ أم تعاند رسول الله ÷ وتعترض عليه في قوله، وتقول بخلاف ما قال؟ فانظر في هذا نظراً صحيحاً، وراجع من له خبرة في هذا الفن، لعلك أن تطلع على معرفة المراد، والله الموفق للسداد، ونسأله أن يحمينا عن الزيغ والعناد».
  فالجواب: أما قوله(٢): بأن يحمل على جميع المعاني؛ فالمراد أن الغرض قد حصل من جملتها، وهو الأولى الذي هو الأحق والأملك؛ فصح ما أردناه من أنه المالك للتصرف، فعلمنا أنه مراد، ولم ننظر في سائر المعاني هل هي مراده في هذا
(١) الصحيح (نحتج) بالنون لما يأتي قريباً؛ لكنه ورد هكذا فيما لدينا.
(٢) الضمير يعود على الشيخ محيي الدين.