كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[بحث حول قول عمر: بخ بخ لك يابن أبي طالب أصبحت مولاي ... إلخ]

صفحة 426 - الجزء 3

  ثم قال: «وأما قوله: إن قول عمر: بخٍ بخٍ يدل على التعظيم، وعلى أمر متجدد، وهو ما رمناه من الإمامة.

  فنقول: أما قولك: يدل على التعظيم وعلى أمر متجدد؛ فصحيح، ولكن ليس المراد به الإمامة لكن أمرنا بأن نتولى المؤمنين حملاً على الظاهر، وقد يختلف الباطن، ولسنا نعلم أن باطنهم مساو لظاهرهم، فأخبر النبي ÷ عن حال علي #، وسوَّى بين ظاهره وباطنه، وأمرنا بأن نتولاه ظاهراً وباطناً، وأنه على حالته لا تغيره الدنيا، ولا يستفزه الهوى، ولا يعجز عن الحق، ولا يقوم بالباطل، وأنه على ذلك إلى وقت موته، وهذا أمر متجدد لم يكن لعلي # من قبل، وتعظيم لم يكن حاصلاً.

  وأصل هذا أن النبي ÷ علم ما يجري على علي # فأخبرهم باستواء ظاهره وباطنه، وأنه على الحق، وأنه يجب أن يُنصر ويُوالى، وهذا ظاهر بحمد الله ومنِّه⁣(⁣١)».

  فالجواب: أن جميع ما ذكره هاهنا يثبت لعلي # مزية في الحال على سائر الصحابة لأن الموالاة والمناصرة قد كانت حاصلة للجميع، وحمل تلك المزية على ما ذكره من موالاته ظاهراً وباطناً، وأنه سوّى ÷ بين ظاهره وباطنه، وأنه لا يتغير، ولا يستفزه الهوى إلى وقوع وفاته، يدل جميعه على عصمته #؛ لأن معنى العصمة: هو ما يعلم معه أنه لا يواقع كبيرة ظاهراً ولا باطناً.

  ومتى ثبت ذلك: كانت خصاله معلوماً صلاحها وثبوتها يقيناً، وغيره مظنوناً فيه، ولا يجوز العدول إلى الظن مع حصول العلم، وهذا أمر ظاهر، فعلى هذه القاعدة يكون أولى بالإمامة من المشائخ، بشهادة الفقيه وغيره على القطع على


(١) قال ¦ في التعليق: قف على إقرار الفقيه لعلي # بالعصمة في تأويله لمولى، بعد أن سبق له إنكارها؛ كالذي يتخبطه الشيطان من المس! وإقراره باحتمال عدم إيمان غير علي في الباطن، وهو خلاف ما يقرره في الصحابة وما يعالجه في آية الشجرة، تأمل.