كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[بحث في تقسيم سبب الخطاب وبيان متى يقصر الخطاب على السبب ومتى لا يقصر]

صفحة 464 - الجزء 3

[بحث في تقسيم سبب الخطاب وبيان متى يقصر الخطاب على السبب ومتى لا يقصر]

  فلما كانت الحجة الخطاب دون السبب؛ أفاد ذلك ما تعلقت به الإرادة، وتناوله الحكم والخبر، فاعلم ذلك أيها الفقيه، واسأل عنه أهل المعرفة من الذي حصله المحصلون في أصول الفقه على اختلافهم أن الأسباب ثلاثة؛ سؤال السائل عن شيء بعينه، وثانيها حدوث الحادثة التي تفتقر إلى البيان، والثالث الداعي الذي يبعث المعصوم على البيان، وهو ورود الأمر عليه بالتبليغ.

  فإذا كان السبب أحد الوجهين المتقدمين، فلا يخلو: إما أن يكون المسبب مستقلاً في الإفادة بنفسه لو انفرد، أو لا يستقل في الإفادة إلا بضمه إلى السبب.

  فإن كان مستقلاً بنفسه لو انفرد، فهذا لم يذهب أحد من أهل العلم أنه يقصر على سببه، وخبر المنزلة من هذا أيها الفقيه؛ لأنه لا فرق في إفادته بين أن يتقدمه كلام المنافقين، أو لا يتقدمه في قوله: «أنت مني بمنزلة هارون من موسى غير أنه لا نبي بعدي»، بخلاف سؤالهم له ÷ عن بيع التمر بالرطب فقال: «أينقص إذا جف؟» فقيل: نعم، قال: «فلا إذاً».

  ونقيض ذلك⁣(⁣١) سؤالهم له: أيجوز التطهير بماء البحر؟ فقال: «هو الطهور ماؤه والحل ميتته»، ومثله سؤالهم عن الوضوء بما أسارت الحمير قال: (بل وبما أسارت السباع).

  وأما إن كان أعم في الحكم الذي سئل عنه فهذا هو الذي وقع فيه الخلاف بين أهل العلم أيها الفقيه العلامة، نحو ما روي عن النبي ÷ أنه سئل عمن ابتاع عبداً فوجد به عيباً فقال: «الخراج بالضمان» فتناول ذلك العبد وغيره من المضمونات المبيعات⁣(⁣٢)؛ حتى يكون كل مضمون منافعه تثبت لمن يضمن ذلك،


(١) المراد بذلك، إشارة إلى المستقل وإنما ذكر قوله: (بخلاف سؤالهم) استطراداً ولو أراده لقال: هذا، لقُربِه، فلا إشكال.

(٢) أي وغيرها كما ذكره الإمام –# - بقوله: سواء كان بطريقة البيع أو بغيره.