[المراد بلفظة (بعدي) في: «لا نبي بعدي»]
  وجه الخلافة والنيابة عن موسى #، وقد أجاب الله سبحانه موسى # بنص الكتاب بقوله: {قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَامُوسَى ٣٦}[طه]، وكان إيتاء الله سؤله حكمَه لهارون بالإمامة، مع حضوره حكماً، ومع مغيبه تصرفاً، إن ارتفعت الموانع، ولهذا لما عصوه وغلبوه على رأيهم لم يتصرف، ومثل ذلك لعلي سواء سواء.
  على أنا قد تكلمنا في ذلك من وجهين: أحدهما: أن ذلك يثبت لعلي في وقت النبي ÷ وبعده، لكن قد خرج وقته ÷ بالإجماع: على أنه ليس لأحد التصرف في وقت النبي ÷ إلا من تحت أمره.
  والوجه الثاني: أن الاستحقاق ثابت بنص هذا الخبر، فيجب أن يعتقد كل مسلم أنه أحق بذلك من غيره، ويجب أن يمتثل اتباعه عند قيامه، ويكون نفاذ التصرف المستحق بهذا الخبر عقيب الوفاة إن تمكن من ذلك، كما قلنا في نظائره فيما تقدم.
[المراد بلفظة (بعدي) في: «لا نبي بعدي»]
  ثم قال: «وأما قوله [أي محيي الدين]: فبقي سائر الوجوه التي كانت لهارون من موسى - فقد(١) بينا أنها كانت منزلة واحدة في أيام معدودة؛ ثم قد زالت في الحال، فدع عنك التعلق فيما بعد الموت فإن هذا من المحال».
  فالجواب: أنا قد بينا أن التشبيه بهارون كان مطلقاً، ولا ذكر فيه الانقطاع، فمن ادعى انقطاعه فعليه البينة، وإلا وجب العمل بالعموم الذي هو الأصل، وقد بينا أنه لا يبنى على الاستخلاف على المدينة؛ لأن الخبر ورد عاماً، ولأنا قد بينا أنه ورد من دون ذكر سبب الاستخلاف على المدينة ولا سواها، فكانت الحجة في الخبر نفسه أيضاً.
(١) بداية كلام فقيه الخارقة.