كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[المراد بلفظة (بعدي) في: «لا نبي بعدي»]

صفحة 480 - الجزء 3

  ثم قال: «وأما قوله [أي محيي الدين]: ليس لأحد أن يحمله على أنه لا نبي بعد نبوتي؛ لأن هذا خلاف الظاهر - فنقول⁣(⁣١): بل الظاهر هذا؛ لأن النبي ÷ خاتم النبيين، فلما أخبر أنه لا نبوة بعد نبوته؛ علمنا أنه لا نبي بعد موته من هذا، ولأن قوله: «لا نبي بعدي» يريد بعد موتي يوهم أن معه نبياً في حياته، ولا قائل بهذا.

  ولهذا لما علم النبي ÷ أن قوله لعلي: «أنت مني بمنزلة هارون من موسى» يوهم منزلة النبوة لعلي مع النبي ÷ كما كانت لهارون مع موسى؛ قال #: «إلا أنه لا نبي بعدي» أي لا نبي بعد وجود نبوتي في حال حياتي كما كان موسى، ولا بعد موتي لكوني خاتم النبيين، وقد بينا ذلك بأكثر من هذا في أول رسالتنا هذه».

  والجواب: أنا قد بينا أن قوله –عَلَيْه [وآله أفضل الصلاة و] السَّلام -: «بعدي» يفيد بعد موته هذا هو الحقيقة فيه، لأنه السابق إلى الأفهام من قوله بعدي، وإن جاز أن يراد غير ذلك من أحواله لكن على سبيل المجاز، ولا ضرورة توجب العدول عن الحقيقة إلى المجاز، فلهذا حملنا اللفظ على ما يحتمله حقيقة، وما ذكر من المرجحات لاستعماله مجازاً فذلك إنما يجوز: لتعذر حمله على حقيقته ولم يتعذر، وقد دخل تحت هذا جميع ما مثّل به؛ لأنه ترجيح لاستعمال المجاز، وقد بينا أن ذلك إنما يصح ما لم يمكن حمل الكلام على حقيقته.

  ثم قال [أي فقيه الخارقة]: «وأما ما ذكر من المثال، إذا قال: هذه الدار لفلان بعدي؛ فأين وزانه مما نحن فيه؟».

  والجواب: أنه في لفظة (بعدي) لا يحتمل إلا بعد الموت، ولم يعتبر فيه شيء من أحوال صاحب الدار، كذلك هاهنا، تعتبر بعد حصول الموت، ولا يعتبر


(١) بداية كلام فقيه الخارقة.