[دعوى الفقيه: أن النبي ÷ لم يسم عليا بالخلافة ولم يشبهه بيوشع، والرد عليها]
  حاله ÷ في كونه نبياً، أو خاتم الأنبياء، أو أفضل المرسلين، أو غير ذلك، مما لا يحمل عليه الكلام بظاهره، بل لوجوه ترجح بعض هذه المجوزات، كذلك هاهنا، فكيف يغالط الفقيه بأن يبطل تعلقه بمثال صاحب الدار.
[دعوى الفقيه: أن النبي ÷ لم يسم علياً بالخلافة ولم يشبّهه بيوشع، والرد عليها]
  وأما قوله [أي فقيه الخارقة]: «وإنما مثاله لو أن النبي ÷ قال: الخلافة لعلي بعدي، كان هذا هو المطابق لمثاله هذا، ولو كان هذا لوجب الحكم به والمصير إليه، ولا يجوز العدول عنه إلى غيره».
  فالجواب: أنا قد بينا أن ما ذكره ÷ من لفظة (بعدي) هو حقيقة في التوقيت بالوفاة، ولا يحتاج إلى معرفة أحواله.
  وأما حكايته لمثال الخلافة بتسمية علي - فهو تحكم على الأدلة وعلى ناصبها، وذلك فاسد، لأن الأدلة توضع بحسب الصلاح، والحكيم متى أزاح العلة في بيان ما قصد بيانه، ومكن المكلف من الوقوف على بيانه، ومكن من الوقوف على مراده، فتشهي الأدلة من بعد ذلك فاسد.
  ألا ترى أنه لا فصل بين من يقول ذلك وبين من يقول من المشبهة: لو أن الله تعالى أراد نفي الجسمية لكان يقول: إنه ليس بجسم طويل عريض عميق بدل قوله: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}[الشورى: ١١]، وقد علمنا فساد هذا الطريق؛ فكل ما يؤدي إليه يجب أن يكون فاسداً.
  وبمثل هذا نجيب عما قدمه من قوله: لِمَ لَمْ يشبه رسول الله ÷ أمير المؤمنين # بيوشع بن نون؟ بأن ذلك يكون تحكماً على الحكيم في وضع الأدلة من وجوهها التي تارة تكون خفية، وتارة جلية، وقد قيل في تشبيهه علياً # بهارون دون يوشع فوائد:
  منها: أنه ÷ لو شبه بيوشع بن نون لكان قد دل على خلافته؛ ولم يدل على أنه أفضل الأمة في حال حياة النبي ÷، وتشبيهه بهارون # يقتضي