كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[مناقشة الفقيه في بيان أوجه الفضل في قصة حمل الراية يوم خيبر]

صفحة 491 - الجزء 3

  صحيحاً، ولكنه لما أراد التعلق بأمر الإمامة قلت: في هذا التقدم إشارة إلى تقدمهما عليه، ولقائل بهذا متعلق، وليس لك متعلق، لأنه ذكر بعد هذا أن الغلبة ليس دلالة على الحق، وهو أقوى من تعلقك بقول النبي ÷ لعلي: «أنت مني بمنزلة هارون من موسى»، وتطويلك بذلك بما لا فائدة فيه ولا جدوى؛ لأنه لا يفهم من إعطائهما الراية إلا الإشارة إلى تقدمهما؛ مع العلم من النبي ÷ أن الفتح لا يفتح على أيديهما، بل على يد علي.

  وقد فهم من النبي ÷ قوله لعلي #: «أنت مني بمنزلة هارون من موسى» إنما هو الاستخلاف على المدينة، كما استخلف موسى هارون، ولم يستبعد القدري هذا المعنى الذي ذهبنا إليه - وإن كان أظهر من معناه الذي تعلق به في حديثه المتقدم - إلا لجهل أو تعصب».

  والجواب:

  أما قوله: «لم أجعل ما ذكر عمدة الدليل وإن كان دليلاً» فالجواب: أنه إن أراد ذلك دليلاً فقد بيّن له أنه ليس بدليل بما تقدم، وإن أورده للفضيلة فقد ظهر في الخبر بنفسه ما يدل على فضل علي # على جميع الصحابة، وما ذكره بعد ذلك جمجمة⁣(⁣١) لا تفيد ولا تغني.

[مناقشة الفقيه في بيان أوجه الفضل في قصة حمل الراية يوم خيبر]

  وأما قوله بعد ذلك: «وإن كان أظهر من معناه الذي تعلق به في حديثه المتقدم».

  فالجواب: أنه إن أراد بذلك قصة خيبر التي نحن فيها فشاهد حال الخبر يقضي بكذب الفقيه منه، فإن من رجع منهزماً ليس كمن افتتح سريعاً قبل أن يتتام العسكر، وقول النبي ÷: «لأعطين الراية غداً رجلاً يحب الله


(١) جمجم الرجل وتجمجم: إذا لم يبين كلامه. تمت مختار.