[مناقشة الفقيه في بيان أوجه الفضل في قصة حمل الراية يوم خيبر]
  ورسوله، ويحبه الله ورسوله، كرار غير فرار، لا يرجع حتى يفتح الله على يديه» ففيه ما لا إشكال فيه؛ لأن قوله ÷: «لأعطين الراية غداً» تعريف بأنه أحق وأولى، ولو كان أولاً وفتح الله على يديه لظن الناس أن غيره لو كان أعطيها لفتح الله عليه، فقدمهما ÷ ليعرف تباين الأحوال، وتمييز موارد الرجال، وبضدها تتبين الأشياء.
  ثم وصف ذلك الرجل بأنه يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله(١)، وذلك على وجه التخصيص له، فلو كان عند غيره مثل ما عنده من ذلك، أو له مثل ما له؛ لكان لهم أن يقولوا: ونحن نحب الله ورسوله، ولكن أفادت تميزه # في ذلك النبأ والحكاية العليا؛ ما لم يشاركه فيه سواه، إما في البعض، أو الجملة، أو الكيفية، والوجه، وهو محبة الله تعالى ورسوله ÷ على الإطلاق.
  وإما في المقدار: فلأن محبة الله تعالى هو إرادة النفع الخالص له وهو الثواب، ولن يميزه ÷ إلا بما لم يشاركه فيه غيره جملة وتفصيلاً، من وجوه موقعه من تضاعف النفع والإجلال، وكفى بهذا لمن عقل.
  وقوله #: «كرار غير فرار» منه بيان تباين الحالين، حال من فر في ذلك اليوم، وحال من يكر ولا يفر، واقتضى قوله ÷: «كرار غير فرار» أنها سجيته # في سائر الأوقات، ولم يظهر مثل هذه الشهادة منه ÷ لغيره، لأن منهم من ظهر فراره وجبنه، ومنهم من يكر تارة ويفر أخرى، ولم تقع الشهادة باستمرار الكر دون الفرار لسواه #.
  وقوله #: «لا يبرح حتى يفتح الله على يديه» أفاد شدة بأسه، وقوة عزيمته، وصدق نيته، وحسن مقصوده، وعظيم صبره، خلاف من فر أولاً
(١) في هذا إشارة وتلويح إلى أن المنهزمين أولاً وثانياً ليسوا كذلك، وكذلك قوله ÷: «كرّار غير فرّار» بأنهم فرّارون غير كرّارين. تمت من شيخنا السيد العلامة/ محمد بن عبدالله عوض المؤيدي أيده الله تعالى.