[مناقشة الفقيه في بيان أوجه الفضل في قصة حمل الراية يوم خيبر]
  وثانياً، ولعلها له سجية في مواطن، فكيف يقول الفقيه: وإن كان أظهر من معناه الذي تعلق به في حديثه المتقدم.
  وإن أراد بالحديث المتقدم خبر المنزلة، فكيف تكون قصة خيبر التي ولى بها أبو بكر وعمر منهزمين؛ أظهر معنى من خبر يدل على عصمة أمير المؤمنين #، لأن النبي ÷ لما شبهه بهارون، وقد ثبتت عصمة هارون، فيجب أن تثبت العصمة لعلي #، لأنه ما استثنى سوى النبوة فقط، دون ما هو شرط فيها، كما أن الإيمان شرط فيها، واستثناؤها لا يكون استثناء للإيمان.
  وكذلك فإن هذا الخبر يدل على أنه أفضل الأمة لما ذكرنا، وهو أن هارون كان أفضل أمة موسى @، فدخل ذلك في جملة ما وقع به التشبيه، لأن الاستثناء ما وقع إلا للنبوة على ما قدمنا.
  وكذلك فإنه يدل على الفضيلة الكبرى، والمنزلة العظمى، وهي الخلافة على الأمة، لأنها كانت ثابتة لهارون من موسى @، ولم يستثن النبي ÷ من منازل هارون من موسى إلا النبوة، فيجب دخول الخلافة على الأمة تحت عموم المنازل، ولهذا كان يصح أن يستثنيها.
  وقد بينا أن صحة الاستثناء يدل على الاستغراق، من حيث أن من حق الاستثناء أن يخرج من الكلام ما لولاه لوجب دخوله تحته، فكيف يكون حديث خيبر في إعطاء الراية في اليوم الأول أبا بكر، وفي الثاني عمر، فوليا منهزمين يجبنان أصحابهما ويجبنونهما؛ أظهر من معنى هذا الخبر الذي علا به أَخمصُ علي على سائر الأمة، واستحق قيادتهم بالأزمّة، لولا قلة التوفيق، وحرمان معرفة التحقيق.
  ومما في الخبر قوله ÷: «يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله» فأفاد العصمة وتقدمه على الكافة، لأن الجيش كان فيه جملة العيون من الصحابة، فدل ذلك على أنه أولى بالإمامة، إذ لا ينبغي لمن هذه حاله أن يقدم عليه سواه.