كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[دلالة قوله ÷: «يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله كرار غير فرار»]

صفحة 500 - الجزء 3

  به فضله # وصدق نيته، وصفاء سريرته، وقوة عزيمته، وإشهار ما هو من آكد خصال الإمامة، ويدل على أنه أحق بها ممن استأثر بالهزيمة، وضعفت عن مقاومة الأقران منه العزيمة.

[دلالة قوله ÷: «يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله كرار غير فرار»]

  ثم قال: «وأما قوله [أي محيي الدين]: وأما قول النبي ÷: «يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله» - فغير⁣(⁣١) مدفوع، ولا ننكر أن علياً يحبه الله ورسوله، ولا يدل هذا على أن الله ورسوله لا يحبان أحداً غيره، فقد ورد القرآن بصفة أبي بكر وأصحابه في مثل هذا، بل أفضل في قوله: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ⁣(⁣٢) مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ}⁣[المائدة: ٥٤]، ولم يقاتل المرتدين بعد النبي ÷ إلا أبو بكر، وكذا قد تواتر النقل بحب النبي ÷ أبا بكر وعمر وعائشة وغيرهم، وإنما هو إثبات المحبة لعلي # وهو كذلك.

  وقوله: «كرار غير فرار» إن صحت هذه الزيادة في الحديث فلقد كان كذلك، ولم يدفعه عن هذه المرتبة غير القدرية، ومن ذهب مذهبهم، حيث عجَّزوه وضعَّفوه، وزعموا أنه بايع مكرهاً، وأُتي به ملبباً.

  فالجواب: أما قوله: «إن الخبر لا يدل على أن الله ورسوله لا يحبان أحداً غيره» فالجواب: أنه أخطأ فيه من جهة اللفظ، من حيث جمع بين الله ورسوله في ضمير واحد، فإن أول ما يجب إفراده سبحانه بالذكر لجلاله وعظمته، ثم يذكر رسوله بعد ذلك، وقد عرفناه ما قيل في مِثْل قِيله هذا فيما تقدم.

  وأخطأ في المعنى؛ لأنا لم ندع أن الله لا يحب أحداً سواه # وكذلك الرسول، وإنما ذكرنا أن محبة الله تعالى له في ذلك المقام الذي لم يقم غيره فيه مقامه، مع


(١) بداية كلام فقيه الخارقة.

(٢) (يرتدد) على قراءة قالون عن نافع.