[تفسير الفقيه لقوله تعالى: {فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه} والرد عليه]
  اختبارهم قبله في ذلك، لا يشاركه فيها سواه، وشاهد الحال يقضي بذلك.
  كما شهد بأنه أشجع من جماعتهم؛ لأنه ÷ قال إنه يعطي الراية رجلاً يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله؛ فلو كان المراد المحبة التي تحصل للمؤمنين لأجل ظاهر الإيمان؛ لكانت قد حصلت له # لأنه من أفضلهم، وإنما أراد محبة تختص بذلك المقام، الذي تميز به على الخاص والعام.
  وقوله(١): «كرار غير فرار لا يرجع حتى يفتح الله عليه» يدل على أنه أشجع من سائر من يشاركه في تلك الصفة، ممن وقع اختباره في تلك الأيام فعجز عن ذلك المقام، وهو ظاهر في كلامه ÷، فصح بهذه الجملة أنه أفضل الصحابة وأنه أشجعهم، ولو لم يرد في ذلك كله إلا هذا الخبر لكفى، فكيف وفي ذلك من الأخبار الظاهرة المعلومة ما لو ذكرنا منه طرفاً لاتسع في هذا الموضع.
[تفسير الفقيه لقوله تعالى: {فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} والرد عليه]
  وأما قوله: «فقد ورد في القرآن في صفة أبي بكر وأصحابه(٢) في مثل هذا، بل أفضل، في قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ}[المائدة: ٥٤]، ولم يقاتل المرتدين بعد النبي ÷ إلا أبو بكر».
  فالجواب: أن ظاهر الآية يدل على أن المؤمن يجوز أن يرتد فيخرج بالردة عن الإيمان، حتى يمكنه الاحتجاج بالآية، وهو يبطل قوله فيما مضى: إن من ¥ فإنه لا يغضب عليه بعد ذلك أبداً؛ لأن من كان مؤمناً فإن الله تعالى يرضى عنه لقوله تعالى: {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ}[الفتح: ١٨]، وقال تعالى هاهنا: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ
(١) أي النبي ÷.
(٢) قال ¦ في التعليق: وقد تقدم للفقيه أن غير علي # إنما تجب موالاته في الظاهر وأنه لا قطع على باطنه عند تأويله لـ (من كنت مولاه) ... إلخ، وقول عمر: أصبحت مولاي ... إلخ.