[تفسير الفقيه لقوله تعالى: {فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه} والرد عليه]
  عَنْ دِينِهِ}[المائدة: ٥٤]، فدل مجموع الآيتين على أن المؤمن المرضي عنه قد يرتد ويغضب الله عليه؛ حتى أن الله تعالى مدح من قاتله، وقتله، ووصفه بأنه محب له.
  فيجب على الفقيه أن يلتزم بذلك، فيبطل تعلقه بآيات الترضية على بقائهم على ذلك الحال، مع نجوم الحوادث التي زلزلت أقدام إيمانهم السابق منهم، على ما قدمنا ذلك مفصلاً.
  وقوله تعالى: {فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ}[المائدة: ٥٤]، فهو دلالة على أن من حارب أهل الردة، فإن الله تعالى يحبهم على محاربتهم، وتكون صفتهم كذلك، وليس في الآية بيان من هم، لأن فيها لفظ الاستقبال للإتيان بهم.
  ومن ذكره من أبي بكر وأصحابه قد كانوا مسلمين في ذلك الوقت، وعلى قول المجبرة القدرية: إن الله تعالى خالق لأفعال البرية، فكيف يقال بردة من ارتد، وهي عندهم فعله تعالى؟ فكيف يمدح من حاربهم على ذلك حتى يسلموا، والمحاربة والإسلام عندهم فعله ø؟ وهذا هو الزيغ الشديد، والضلال البعيد.
  وقد ظهر أن قوله: {مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ}[المائدة: ٥٤]، خطاب لأصحاب النبي ÷ وقوله تعالى: {فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ}[المائدة: ٥٤]، يفيد أنهم غيرهم؛ لأنه لو أرادهم تعالى لكان نظام الآية: من يرتدد منكم عن دينه فسوف يأتي بكم، وخطابهم خطاب الخاصة، فكيف يأتي بالخاصة؛
  قالُوا اخْرُجُوا مِنَّا فَكَانَ جَوَابُنَا ... لَهُمُ فَكَيْفَ خُرُوجُ مَنْ لَمْ يَدْخُل
  كيف يأتي من هو حاضر؟ فتأمل ذلك بنظر قوي وفكر سوي، وقد أتى الله سبحانه بمستنصرة الأعراب، وكان لهم في خلال الردة بلاء عظيم، حتى التبس ببلاء المهاجرين والأنصار، كما ذكر في حرب اليمامة، لما وقعت الجولات في المسلمين، وقال الرؤساء تميزوا حتى ندري من أين أتينا، قال الراوي: فما دُري أيهم أشد بلاء.
  وعلى أنه لو أريد بها أبو بكر وأصحابه، لم يكن بذلك أفضل من أمير المؤمنين #، لأنه لو كان أفضل منه لكان أصحابه أفضل منه # أيضاً؛ لأن لفظة