[دعوى الفقيه: لزوم العجز والتضعيف لأمير المؤمنين (ع) والرد عليها]
  العريش يوم بدر وحده، ومنها الفتيا بحضرته ولم تكن لأحد غيره، ومنها الصحبة الدائمة، والمهاجرة معه وحده، وإنفاق ماله عليه، إلى غير ذلك من مناقبه، حتى شهد النبي ÷ أن لا منة لأحد عليه كمنته، وقد ذكرنا هذا الحديث من قبل، وسنورده مسنداً هاهنا كما وعدنا.
  فنقول: بالسند إلى محمد بن الحسين الآجري، قال: حدثنا أبو حفص عمر بن أيوب السقطي قال: حدثنا محفوظ بن أبي توبة قال: حدثنا عثمان بن صالح، قال: حدثنا رشدين بن سعد، قال: حدثنا موسى بن حبيب وجرير بن حازم، عن الضحاك بن مزاحم، عن ابن عباس ® قال: لما كانت ليلة رسول الله ÷ في الغار قال لصاحبه أبي بكر: «أنائم أنت؟» قال: لا، وقد رأيت صنيعك وتقلبك يا رسول الله، فما لك بأبي وأمي؟ قال: «جحر رأيته قد انهار، فخشيت أن يخرج منه هامة تؤذيك أو تؤذيني» قال أبو بكر: يا رسول الله فأين هو؟ فأخبره فسد الجحر وألقمه عقبه(١)، ثم قال: نم بأبي وأمي يا رسول الله، فقال رسول الله ÷: «رحمك الله من صديق صدّقتني حين كذبني الناس، ونصرتني حين خذلني الناس، وآمنت بي حين كفر بي الناس، وآنستني في وحشتي؛ فأي منة لأحد عليّ كمنتك؟»».
  فالجواب: أنه ما أتى بجواب قول السائل: فلولا أنها فوق منازلهم بالأمس لما طلبوها، بل أجاب بأن لأبي بكر منازل، وعدل عن هذا، وذكر الوزارة، وكونه معه ÷ في العريش يوم بدر وحده، والفتيا بحضرته، والصحبة الدائمة، والمهاجرة معه وحده، وإنفاق ماله عليه.
(١) قال ¦ في التعليق: قد مرّ الحديث للفقيه في قدر النصف من الجزء الثاني، وأن أبا بكر لا زال يسدد الجحرة بثوبه حتى لم يبق منه شيءٌ، فسد بعَقبِه ما لم يجد له ما يسده به، فلما أصبح سأله رسول الله ÷: «أين ثوبك». وهذا يفيد أنه لم يكن السد من أبي بكر بشعوره ÷، وأنه تعدد الجحر، وهنا لم يكن إلا جحر سده أبو بكر بعَقبِه ولم يذكر ثوب، وأنه فعله لَمّا رأى النبي ÷ الجحر وخشي منه، فهل هذا إلا مناقضة؟!