كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[شبهة للفقيه في مجيء عمر لإحراق بيت علي (ع)، والرد عليها]

صفحة 512 - الجزء 3

  أمثال العرب: لو كان قرني⁣(⁣١) واحداً كفيته.

  وعلى قياس قول الفقيه أن معاوية أشجع من أبي بكر وعمر، لأنه لقي علياً # إلى صفين وأصحر⁣(⁣٢) له، وعلي # في تسعين ألفاً، ورسول الله ÷ أشجع الخلق حاربه المشركون يوم أحد، وثبتوا له، ونكبوه في أصحابه وهو في ليوث الإسلام.

  وكيف لا يغلب علياً # أضعاف عدّة من معه؛ فأما لو لم يكن إلا أبوبكر وعمر وعثمان لم يطمعوا فيها، وخصمهم حيدرة #، وقد كان يحمل على أهل الشام ويكثر القتل ثم لم ترده الكثرة إلى مصافه، ودعا معاوية إلى البراز فكره لقاءه، وفضح عمرو بن العاص لاتّقائه بسوءته فتناولته الألسنة⁣(⁣٣):

  ولا خَيْرَ في دَفْعِ الرَّدَى بِمَذَلّةٍ ... كما رَدَّهَا يَوْماً بِسَوْءَتِه عَمْرُو

  وإنما يخاطب من يعقل الخطاب، ويفهم السؤال والجواب، ولا ثمرة لهذه المناقضة إلا الاطلاع من ذوي العقول على تخليطه وجهله، فيرد الأمر إلى أهله.

  وأما قوله [أي فقيه الخارقة]: «الشجاعة معنى في القلب» - فذلك⁣(⁣٤) غير بعيد، ولكن لا بد من ظهور ذلك بدليل، وهو الثبات في المقامات الهائلة، عند عظيم الخطوب النازلة، وقد وقع ذلك من رسول الله ÷ فما عُرِفت له نَبْوَة⁣(⁣٥) ولا جولة كما عرفت من الشجعان، وكان أصحابه ÷ يقونه بأنفسهم، فإذا اشتد


(١) القِرن: بالكسر كفؤك في الشجاعة أو عامٌّ. تمت قاموس

(٢) أصحر: برز في الصحراء. تمت معجم.

(٣) هذا البيت من قصيدة لأبي فراس الحمداني، الحارث بن سعيد بن حمدان التغلبي الربعي، ابن عم سيف الدولة، مطلعها:

أراك عصي الدمع شيمتك الصبر ... أما للهوى نهي عليك ولا أَمْرُ

انظر: ديوان أبي فراس، يتيمة الدهر، ديوان الشعر العربي على مر العصور.

(٤) بداية جواب الإمام #.

(٥) يقال: لكل سيف نبوة: أي لم يصب الضريبة.