[الثانية: أن الله جعله أبا بكر ثانيا لرسوله ÷، والرد عليها]
  الله جبريل وميكائيل بالحياطة له والكون معه، حتى عجبا من ذلك، وقد ذكرنا هذا وأكثر منه في حديث مسند قد قدمناه؛ فأي معاناة أعظم من هذه؟
  فهل كان من أبي بكر إلا الخروج من بين الأعداء، وعلي فدى بنفسه رسول الله ÷ وأبو بكر في صحبة محمد ÷ الذي قال فيه رب العالمين: {وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ ٤}[التحريم]، فأي استواء بين المعاناتين؟
  ومع ذلك ما حكى الله تعالى عن علي #، أنه حزن مع انفراد الكفار به، وغيبة رسول الله ÷، وحزن أبو بكر وقد اختص بمقاربة سيد المرسلين –~ وعلى آله أجمعين -.
  وأما قصة موسى، فأحب الفقيه أن يشركه في بره وأمنه، ولا لوم عليه في كونه خائفاً يترقب؛ لأنه قتل نفساً، وخيفته لأعداء الله لقبح صنيعهم، لا لسوء الظن بالله تعالى، ولم يكن ليلحق أبا بكر مع كونه مع النبي ÷ مساءة فيحزن لتوقعها.
  وأما قوله: وأخرج الله محمداً ÷ بأبي بكر.
  فالجواب: أنه إن أراد أنه كان معه فلا شك، ولم يكن بأن يقول ذلك بأولى من أن يقول: أخرج أبا بكر بالنبي ÷.
  وإن أراد أنه بقوة أبي بكر، وشدة بأسه، وعظم سطوته، وقوة شوكته ظهر، ولولا ذلك لما ظهر - فالجواب: أن هذا كفر من قائله ومعتقده؛ لأن حالته ÷ في جميع ذلك أعلى من حالة أبي بكر، فكيف يقول خرج بأبي بكر، وقد يقال خرج فلان بزاده وراحلته، والمراد به حكاية الحال التي خرج عليها، دون القصد لذكر من حكى خروجه معه، إلا أن يكون عند الفقيه في قوله: خرج بأبي بكر، معنى سوى ما ذكرنا، ليدخل به في المناقب فليذكره.