كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[خوف الله يدعو للعدول عن محبة معاوية]

صفحة 544 - الجزء 3

  أحوال دولته، ونوابه في بلاده، غلب على يوم الجمعة في الشام اسم يوم السُّنّة، لما كان السب في ذلك اليوم اللعن لعلي #.

  وأخبرنا من نثق بروايته، أن يوم الجمعة يسمى بهذا الاسم إلى هذا الوقت، ومع هذا فإن الفقيه حسّن الظن بمعاوية، وأنه خال المؤمنين، وكاتب الوحي، وأنه وأنه، وموضع غلط الفقيه في جميع هذه المسائل، هو أنه اعتبر في عاقبة الأمر ما كان عليه الفاعل في أول وهلة، فمن كان له قدم في الإسلام فعند الفقيه أنه باق على ذلك، ولو عصى وفسق، وخرج على إمام الحق، وتسنم مرتبة ليست له.

  وهو يعرف غلطه في ذلك عند ضجيجه لَمَّا قلنا في حال الصحابة، والترضية عنهم، والبشارة لهم باستحقاق الجنة؛ إن ذلك مشروط باستقامتهم على تلك الحال التي استحقوا بها الجنة؛ فمن غير أو بدل، أو خالف موجب الحق، أو حارب الإمام المحق، أو استأثر بما ليس له، فقد خرج من ذلك الوعد، فعظم ما ذكرنا على الفقيه، لأنه يفسخ عقد عقيدته، فأقبل يؤذي ويسب من دون انفصاله عما ألزمه، وهذه حال معاوية وأشباهه.

  فإنه اعتبر إسلامه أولاً لو صح، وكونه كاتب الوحي، واستصحب الحال بعد محاربته لأمير المؤمنين والحسن @ فإن خديعته لأصحابه تقرب من المصادمة بالحرب، فلهذا جمّل حال معاوية، لا جمّل الله حاله، ولا حال من يجمل حاله.

  فلقد بتك⁣(⁣١) من عرى الإسلام قِواها، وفلّ من أسيافه شباها⁣(⁣٢)؛ فأين أنت يا مسكين الدين، في التمثيل بولد سيد المرسلين، لولا التجمل بما لست له بأهل، من محبة أهل بيت النبي ÷.

  والفَضْلُ مَا شَهِدَتْ بِهِ الأعْدَاءُ⁣(⁣٣)


(١) البتْك: القطع. تمت مختار

(٢) شباة الشيء: حد طرفه يقال: شباة السيف. تمت معجم

(٣) عجز بيت صدره:

ومناقب شهد العدو بفضلها