[إنكار الفقيه اشتعال الحرب عقيب تولية أمير المؤمنين (ع) والرد عليه]
  وقد فعل علي # في كل وقت ما يحتمله من تلك المراتب، من قول لين، أوخشن، أو استعمال السيف؛ لكنه # عمل بعلم، والفقيه حكم في ذلك بجهل، {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ}[الزمر: ٩].
[إنكار الفقيه اشتعال الحرب عقيب تولية أمير المؤمنين (ع) والرد عليه]
  ثم قال: «وأما قوله [أي محيي الدين]: وقد اشتد ضرام الحرب، فكذب(١) محض؛ لأنه كاتب معاوية في أول خلافته، وجرت بينهما مكاتبة، ثم كانت الحرب بعد ذلك بمدة».
  فالجواب: أن الفقيه لا يعجب منه إلا بفعل أدب أو دين، فأما السب وقلة الحياء فقد صارا له سجية، ولم يعلم أن علياً # لم يضع له قدماً فيما جرى من أمر الخلافة، من أولها إلى وقته # إلا بعلم ودين وامتثال أمر الله تعالى، وما خصه رسول الله ÷ بمعرفته من أمر الأولين منهم والآخرين.
  لكن جعل الفقيه رأس ماله الشتم الذي هو شيمة السفهاء، ومبائن لطرائق أهل الدين والعلماء؛ لأن أحداً من العلماء لا يجهل أن البيعة في المدينة على ساكنها السلام، لم يستقر قرارها، حتى نهض طلحة والزبير مغاضبين قاصدين البصرة، وتبعهما علي #، فكانت وقعة الجمل، ولم تنقرف(٢) جراحها حتى كانت صفين.
  ولكن لا يمنع من التقحم على السدد المضروبة، والحرمات المحجوبة؛ إلا الدين والحياء، فقد عدما في الفقيه لبغضه بضع النبوة، وصفوة السلالة، وتحرجه عن عرض يزيد لإشكال الحال عليه في ذلك، فليت إقدامه إحجام، وإحجامه إقدام، ولكن كيف يكون الشقي لو كان إلا كذلك، ولم يغب عنه # حال معاوية من أول الأمر إلى آخره.
(١) بداية كلام فقيه الخارقة.
(٢) تنقرف: تتقشر.