[إنكار الفقيه على من قال: إن الإسلام غض بعد وفاة النبي ÷ - والرد عليه]
  عهيدون به؟ فلم يمت النبي ÷ حتى فشا الإسلام وظهر، ودخل الناس فيه فوجاً فوجاً، ولم يبق الكفر إلا في أطراف الأرض البعيدة على وجل وخوف من المسلمين.
  ومات النبي ÷ والحال على ذلك، ثم وقعت الردة كما ذكرت، وليس وقوع الردة موجباً لسكوت علي، ولا لتصحيح إمامة أبي بكر؛ فعلي لو كان أولى الأمة بعد النبي ÷ لم يعجز من تحمل أعباء الإمامة، ولا وهن عن قتال أهل الردة، ولأظهر ما ذكرت من الأخبار، واستدل بها على المهاجرين والأنصار، وعرفهم الحق ليرجعوا إليه، ويعتمدوا في تحميل أمورهم عليه.
  فلما لم يظهر ذلك، ولم يقم، وقام في وقت آخر مع شدة التفاقم، وقرب التصادم، وكثر القتل، واشتداد الحرب(١)، ما لو علم أن له الحق في زمان أبي بكر وقام لم يقع مثل ما وقع في زمنه، لوجود المهاجرين والأنصار، واجتماعهم، وكونهم محبين للحق كارهين للباطل، تابعين لكتاب الله، مقتدين برسول الله ÷، فلو عرفهم علي بأن الحق له، وأوضح عليهم احتجاجاته التي زعمت أنها حجة له، وقررهم على ذلك؛ لم يسعهم العدول عنه، ولا التأخر عن طاعة الله وطاعة رسوله، ولا يجوز لأحد أن يدعي عليهم غير ذلك.
  فلما لم يظهر علي من ذلك شيئاً، وبايع وتابع، وضرب بين أيديهم الحدود، وصلى بعدهم الصلوات، وأخذ حقه من فيئهم وغنيمتهم، ورضي بأحكامهم في حياتهم وبعد مماتهم، وزوج ابنته الزكية أم كلثوم بنت فاطمة الزهراء $ عمر بن الخطاب، علم أن ذلك فعل الراضي، وأن من ادعى غير ذلك ورام
(١) قال ¦ في التعليق: أليس قد تقدم لك قريباً إنكار هذا، وقلت: (وأما قوله واشتد الحرب فكذب محض لأنه كاتب معاوية الخ).
وهنا ادعيت اشتداد التفاقم والحرب مع أنه لم يحصل تفاقم ولا حرب إلا بعد نكث الناكثين هذا هو الكذب المحض لأن قيامه # قبل الحرب بمدة فتأمل هذه المناقضة.