كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[الكلام على حديث: «أقضاكم علي»]

صفحة 566 - الجزء 3

  فلما عرف علي # القضاء ومارسه وتدرب به؛ أخبر النبي ÷ عنه أنه أقضى الصحابة في ذلك الوقت الذي أخبر به بصفاتهم لما ذكرنا من المعنى.

  ولا ننكر ما ذكرت من الاشتراط في القضاء، غير أن الأحكام في ذلك الوقت لم تكن كأحكامنا اليوم من وجهين:

  أحدهما: أنهم كانوا ينقلون من النبي ÷ ما أوحي إليه، ولم تكن الأقوال موجودة، ولا الخلاف حاصلاً، وإنما هو قول واحد ورأي واحد، وإن وقع مشكلة أو معضلة أمكن التوقف فيها حتى يراجع فيها النبي ÷.

  وقضاء علي # الذي وصفه النبي ÷ بأنه أقضى الصحابة فيه إنما كان في زمانه ÷.

  والوجه الثاني: أن أكثر الناس في ذلك الوقت يعرف الحق، ويخاف الله إن خوف على الإقدام على غير الحق، ويرتدع إن وعظ، ويرضى بأخذ حقه على عفاف، ولهذا روي أن رجلين اختصما إلى النبي ÷ في مواريث متقدمة، فقال #: «اذهبا فتوخيا الحق، ثم ليحلل كل واحد منكما صاحبه»، فقبلا ذلك وعملا به، فلو كان في زماننا هذا لم يقبلا ذلك».

  فالجواب: أنه سطر جوابه بالاعتراف بفضل علي # ثم عقبه بسبب دعاء النبي ÷ في التثبت في القضاء والحكم بالحق، ثم حكى ما عرفه النبي ÷ في أمر الخصمين، ثم ذكر مفارقة القضاء في وقت النبي ÷ والقضاء في سائر الأوقات بالوجهين اللذين ذكرهما.

  وهذا لا يخلو إما أن يبين لنا سبب فضله # على سائر الصحابة في القضاء، الذي يجتمع فيه فنون العلم - فهو الغرض، ونقول: قد زادنا أن ذلك كان ببركة دعاء النبي ÷ وتعليمه إيَّاه، وهي زيادة مقبولة، والخبر صحيح، وهو بسبب توجيهه ÷ علياً # إلى اليمن.

  وإما أن يريد بذلك كله أن غيره من الصحابة أفضل منه في فنون العلم -