كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[طرق حديث: «أنا مدينة العلم وعلي بابها»]

صفحة 575 - الجزء 3

  فأقول ومن الله العون والتسديد: أما قوله [أي محيي الدين]: (إن فيه تنبيهاً على أن علم النبي ÷ إنما يطلب من جهة علي فلا يطلب من جهة غيرها)؛ فمحال، فإن العلم قد طلب من غيره، وكثير من الشريعة قد نقل عن غيره #، ولست تدفع ذلك، ولكنك غفلت عنه، فإنك قد رويت في رسالتك هذه عن ابن عباس وأنس وأبي هريرة وغيرهم، فلو كان العلم لا يطلب إلا من علي # كنت قد أخطأت في طلبك العلم من غيره، ولم تقبل منك رواية أحد غير علي #، ولو ذهبت إلى هذا لاستدّ عليك من الشريعة أبواب كثيرة؛ بل جل الشريعة إنما نقل عن غير علي #».

  فالجواب: أنا قد بينا من قبل هذا أن علياً # أعلم من الجميع، فمتى روينا عن غيره خبراً علمنا أنه # غير جاهل به؛ إلا أن يكون وقع ذلك الحديث في حال غيبته عن النبي ÷، فالرواية عنه # وعن غيره تصح ممن تثبت عدالته، ولكن ترجح روايته # بما شهد له به النبي ÷ من أنه أكثرهم علماً، وقوله: «أدر الحق معه حيث دار»، ومن كونه أقضاهم، ومن حيث ثبتت عصمته بما قدمنا، فيؤمن منه # الخلل في أقواله وأفعاله ورواياته، وغير ذلك من الوجوه التي يعرف له الاختصاص بها على سواه، وبما صح أنه أعرف بأحوال النبي ÷، وقصوده ظاهراً وباطناً لاتصاله به في الأوقات والمنازل، وسوى ذلك.

[طرق حديث: «أنا مدينة العلم وعلي بابها»]

  وأما قوله [أي فقيه الخارقة]: ثم ما تقول في هذا الحديث الذي رويت آنفاً: «أنا مدينة العلم وعلي بابها» من الراوي له أعلي أم غيره؟ فإن كان غير علي هو الذي


= قال علي # (نحن الشعار والأصحاب والخزنة والأبواب، ولا تؤتى البيوت إلاَّ من أبوابها، فمن أتاها من غير أبوابها سمي سارقاً) تمت نهج البلاغة.

قال ابن أبي الحديد قد روت العامة والخاصة أنه قال النبي ÷ «أقضاكم علي».