كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[مناقشة الفقيه في سكوت علي # وأحقيته للخلافة وحاله في زمن الخلفاء]

صفحة 628 - الجزء 3

  لما دخلت سنة سبع عشرة فاعتمر عمر عمرة رجب، ووسع المقام وباعده من البيت، ووطّد الحجر، وبنى المسجد الحرام ووسّع فيه، واشترى من قوم منازلهم، وامتنع آخرون، فهدم عليهم ووضع أثمان منازلهم من بيت المال، وكان مما هدم دار العباس بن عبدالمطلب فقال له: لم تهدم داري؟ قال: لأوسّع بها في المسجد، فقال العباس: سمعت رسول الله ÷ يقول: «إن الله أمر داود # أن يبني له بيتاً بإيليا، فبناه ببيت المقدس، فكان كلما ارتفع البناء سقط، فقال داود: يا رب إنك أمرتني أن أبني لك بيتاً، وإني كلما بنيت سقط البناء؛ فأوحى الله إليه: إني لا أقبل إلا الطيب، وإنك بنيت لي غصباً، فنظر داود # فإذا قطعة أرض لم يكن شراها، فابتاعها من صاحبها بحكمه، ثم بنى فتم البناء».

  فقال: ومن يشهد أنه سمع هذا من رسول الله ÷ فقام قوم فشهدوا، فقال: فتحكم يا أبا الفضل وإلا أمسكنا، قال: فإني قد تركتها لله.

  فانصرف عمر بعد عشرين يوماً، وكان العباس يسايره، وتحت العباس دابة مصعب⁣(⁣١)، فتقدّم عمر، ثم وقف له حتى لحقه، فقال له: تقدمتُ وما لأحد أن يتقدّمكم معشر بني هاشم، فقال العباس: قبلها ما تقدمتنا أنت وصاحبك. قال: وما ذاك أنا أولى بها منكم إلا أنكم معشر بني هاشم قوم فيكم ضعف. فقال العباس: يأبى الله نقوى على النبوة ونضعف عن الخلافة.

  ثم خرج عمر يريد الشام حتى بلغ إلى سرع⁣(⁣٢)، فبلغه أن الطاعون قد كثر فرجع، فلحقه أمراء الشام، وكلمه أبو عبيدة بن الجراح أشد كلام وقال: أفراراً من قدر الله تعالى. قال عمر: نعم أفرّ من قدر الله إلى قدر الله.


(١) المصعب من الإبل: الفحل والصعب العسر. تمت قاموس.

(٢) شريح (نخ).