كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[مناقشة الفقيه في سكوت علي # وأحقيته للخلافة وحاله في زمن الخلفاء]

صفحة 629 - الجزء 3

  وفي هذه السنة خطب عمر إلى علي # أم كلثوم ابنة فاطمة &، فقال علي #: إنك امرؤ قد حلت⁣(⁣١)، وهي صبية صغيرة لا تعرف حقك، وأنت محتاج إلى امرأة تعرف حقك. فقال عمر: لم أذهب حيث ذهبت، ولكني سمعت رسول الله ÷ يقول: «كل سبب ونسب وصهر ينقطع يوم القيامة إلا سببي ونسبي وصهري» فأردت أن يكون لي سبب وصهر من رسول الله ÷، فكره عليّ ذلك، وخرج من عنده، وعمر يتوقّد من الغضب، فدخل العباس وقد ورم أنف عمر من الغضب، فقال: والله يا بني هاشم لأفعلنّ ولأفعلنّ.

  قال العباس ¥: وما عليك أنا عمه، وأنا أزوجك؛ فزوجه وسرد آخر الحكاية.

  وهل علمت أيها الفقيه أنه لا يجوز زواج الفاطمية بغير الفاطمي إلا من ضرورة، فالضرورات تبيح المحظورات، أفليس الله تعالى حرم أزواج نبيه على المؤمنين لمكان السبب، ومساس الجسد الطاهر المقدّس للجسد، فإذا كان ذلك كذلك فحرمة النسب وشرف اللحم المطهر والدم أولى بالتحريم على سائر الخلق إلا ما كان من جنسه، وهذا أقوى الأقيسة الشرعية إن كنت تعرف أحكامها، وتميز بين ضعيفها وقويها.

  فإن وقعت ضرورة ارتفع حكم التحريم كما مرّ الحديث، ولذلك زوج منهنّ من زوّج في زمان بني أمية وغيرهم، ولذلك قالت سكينة ^ لهشام وقد سألها: أولاد أختك فاطمة منا خير أم أولادها منكم؟ فقالت سكينة ^: أَبْرَزَنَا لكم يوم الطَّفِّ يا أحول؛ فقام وقال: إنك امرأة تحبين الشرّ.

  وبعضهنّ نكحن في آل عباس وفي آل جعفر وغيرهم، وذلك لما بينا وذكرنا


(١) حلت: تغيرت واعوججت بعد استواء. في القاموس: كل ما تحول أو تغير من الإستواء إلى العوج فقد حال.