كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[مناقشة الفقيه في سكوت علي # وأحقيته للخلافة وحاله في زمن الخلفاء]

صفحة 630 - الجزء 3

  من الأعذار، ولولا ذلك لأنكح علي # عمر مختاراً، ولكنه امتنع حتى حصل المبيح الشرعي وهو الضرورة، ولطف الله سبحانه في ذلك فماتت هي وولدها في وقت واحد، لا يدرى أيهما مات أولاً، فجرى فيهما حكم الغرقى، ولو شئنا تعيين كل نكاح وسببه لأمكن ذلك، ولكن يطول به الشرح والمعنى ما قدمنا.

  وقد رأيت أيها الفقيه كلام الصحابة في القدر، وعلى ما حملوه أنه النوازل من قبل الله من خير وشر ولأن قدر الله لا يكون إلا حسناً، والمخازي والمعاصي نفس القبيح ومجانبة الحكمة، وأفعاله كلها حكمة وصواب، يجب الرضا به على جميع العباد.

  وقد رأيت كلام العباس ¥ في تقديم أبي بكر وعمر، وإن كان يكفيك في جواب ذلك القطع على استحالته، فأنت مع خصمك في راحة، لا ينهضك دليله، ولا ينهزك برهانه، لأنك تقول هذا محال، أرسل أم أسند، وهذه زيادة، وتصلح الأخبار، وتنقص عليك رصف الأشعار، ولهذا جعلت الرسالة خارقة، وإن أسند خصمك لم تقبل ذلك، وإن أرسل عبت ذلك عليه ونسيت إرسالك.

  وقد بينا لمن طلب البيان من أهل الإيمان أن ذلك جائز عند أهل العلم، وكتبهم بذلك شاهدة، بحيث لا يمكن فيها الكتمان، ومن للوَرَشَان⁣(⁣١) برطيب المشان، أرسل الفقيه حديثه الذي احتج به لأبي بكر وأنه وارث الأمر مرسلاً، وقال: روى ذلك خلف عن سلف، وكل عدل ثقة ينقل ذلك عن ثقة، وكذلك الحديث في قوله: آخاه في غير عقد وأخبر عن فضله، وألغى الحديث متناً وسنداً، وحديث السراج⁣(⁣٢) أرسله، والخبر في علي أنه باب مدينة العلم، وخبر المنزلة كذلك، وأرسل حديث المحبة، وخير الأمور أوساطها، وكذلك حديث السباب


(١) ورشان محركة: طائر وفي المثل (بِعِلَّةِ الوَرَشان يأكُل رُطَبَ المُشَان) يضرب لمن يظهر شيئاً والمراد منه شيء آخر. والمشان بالضم من أطيب الرُّطب. تمت من القاموس.

(٢) عمر سراج هذه الأمة. تمت من النهاية.