كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[معنى حديث: لا يدخل الجنة إلا من جاء بجواز من علي بن أبي طالب، وطرقه]

صفحة 635 - الجزء 3

  وإن شئت فأنكر، فقد قال رب الأرباب لنبيه ÷: {فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ ٤٠}⁣[الرعد].

  وأما قوله [أي فقيه الخارقة]: «مع أن مذهب هذا الرجل يخالف هذا الحديث ويناقضه؛ لأن مذهبه أن دخول الجنة بالأعمال».

  فالجواب: أن هذا لا يناقض الخبر؛ لأنا لم نقل هاهنا: إن دخول الجنة بجواز من علي من دون عمل، وإنما الغرض أن العمل لا يكفي من دون اعتقاد إمامة علي # من هذه الأمة، أو يكون الغرض إثبات منزلة له عند الله تعالى أن يكون دخول الجنة من تحت إذنه، والمراد به تعجيل المستحق أو تأخره على حسب ما يعلم الله تعالى في ذلك من الموقع في المسرة، وفي الخبر لنا عنه من المصلحة في أدياننا في دار الدنيا.

  والمعلوم من حاله # أنه لا يكتب الجواز إلا للصالحين، والصالحون هم القائمون بالواجبات التاركون للمقبحات، ويكون جواز علي # تشريفاً له #، كما جعل الله لرضوان سدانة الجنة، ولملك الموت قبض الأرواح، والكل لا يفعل إلا ما أراد الحكيم ورضيه من الحكمة والمصلحة.

  وأما ما ذكره: أن صاحب الكبيرة مخلد في النار؛ فقد دللنا عليه، وكذلك من مات مجتنباً للكبائر فقد قال تعالى: {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا ٣١}⁣[النساء].

  وأما قوله [أي فقيه الخارقة] بعد ذلك: «فما معنى الجواز من علي #».

  فالجواب: أنا قد بينا حيث قلنا: إن الطاعة وإن عظمت من أهلها من هذه الأمة لا يبلغ بها الجنة إلا باعتقاد إمامته # على الوجه الذي يستحقها عليه، وإثبات لمنزلة له # عظيمة، حيث جعل الله تعالى الأذن في تقدم من يستحق الجنة أو تأخره إليه، ويفيده زيادة مسرة لأهل الجنة لذلك، ومصلحة في الخبر عنه لنا في دار التكليف.