[دعوى الفقيه الشفاعة لأبي بكر وغيره - والرد عليها]
  قَالُوا تُحِبُّ أبا بَكْرٍ فَقُلْتُ لَهُمْ ... لِمَ لا أُحِبُّ الذي في الْحَشْرِ يَشْفَعُ لي؟
  نَعَمْ وفي مَذْهَبِي أَنِّي أُقَدِّمُهُ ... عَلَى الإمامِ أميرِ المؤمنينَ عَلِي
  وجُمْلَةُ الأَمْرِ أنَّ اللهَ قَدَّمَهُ ... والأمرُ للهِ ليسَ الأمْرُ مِنْ قِبَلِي»
  والجواب: أنه وعد بأخبار واردة في الشفاعة، ونحن في انتظار وعده ليعلم الفرق بين الصحيح والفاسد، والمستقيم من المائد(١).
  وأما الأبيات الثلاثة فقصاراها أن قائلها قالها نظماً مثل اعتقاد الفقيه نثراً، وقد بطل بما قدمنا من الدلالة على إمامة أمير المؤمنين # بعد النبي ÷ بلا فصل من الكتاب والسنة ما يبطل مذهبه، ومذهب صاحب الأبيات.
  ولولا خشية الاشتغال لسمع ضد ما قال، وهي دواوين مكملة فيما ذهبنا إليه؛ فكيف تَفَكَّهَ(٢) بثلاثة أبيات سقيمة المعنى؛ إذ خالفت كتاب الله تعالى وسنة النبي ÷، بل خالفت مذهب الفقيه أيضاً، لأن موردها حكى أن الله قدم أبا بكر، والفقيه يقول قدمه الصحابة.
  ثم قال: «وأما قوله [أي محيي الدين]: فليت برجليه نجا مغيث - فهو(٣) جهل منه بمنزلة أبي بكر ودرجته عند الله وعند رسوله، وتعامٍ عما ذكرنا من فضائله، وما أثنى الله عليه في كتابه، ورسوله ÷ فيما تصدى به أمته من خطابه، وقد شهد الله بأن الجاهل كالميت في المعنى، وأنه أصم عن إسماع الموعظة واتباع الهدى، فقال: {إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلَا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ}[النمل: ٨٠].
  وفي الْجَهْلِ قَبْلَ الموتِ مَوْتٌ لأهْلِهِ ... وأَجْسَامُهُمْ قَبْلَ القُبُورِ قُبُورُ
  وكُلُّ امْرِئٍ لَمْ يَحْيَ بالْعِلْمِ مَيِّتٌ ... وليسَ لَهُ حَتَّى النُّشُورُ نُشُورُ
(١) المائد: المتحرك والمضطرب.
(٢) تفكَّه بالشيء: تمتع به وتلذذ.
(٣) بداية كلام فقيه الخارقة.