[هذا البيت للحطيئة]
  هو لغلبة الجهل، وقلة العقل، وذكر أن الجهل للغفلة عما في الكتاب الكريم، وما في الأخبار المصرحة».
  فالجواب: أنا لا نخالف ما ورد به القرآن والسنة، بل هو المخالف لهما على ما سيأتي بيانه، وقد تقدم أيضاً، وما ذكره من الشفاعة لمن هو صفي عند المشفوع إليه فلسنا ننكر ذلك، وأن الشفاعة قد تكون لدفع الضرر، كما هي لجلب النفع، لكن قد دلت الأدلة من السمع من الكتاب والسنة أن لا شفاعة لأهل الكبائر، وقد قدمناه، وسيأتي لذلك مزيد بيان إن شاء الله.
  وقد ذكرنا تأويل حديث الشفاعة لأهل الكبائر، أنه إن صح حمل على التائبين، ونهاية سوء الأدب في حق الرب تعالى قد جاءوا به وتابوا، فيشفع لهم المشفع في مضاعفة الخيرات، وهم في حكم الفقراء في جنب أهل السوابق؛ فأما أهل المعاصي فلا شفيع لهم؛ لأن الله تعالى يقول: {وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ ٢٧٠}[البقرة]، فلو شفع لهم شافع لكان لهم النصرة، وقال: {مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ ١٨}[غافر]، فنفى نفياً عاماً.
  وأما ما ذكرت من السمع من قوله سبحانه حاكياً عن الكفار: {فَمَا لَنَا مِنْ شَافِعِينَ ١٠٠ وَلَا صَدِيقٍ حَمِيمٍ ١٠١ فَلَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ١٠٢}[الشعراء]، وتبيين وجه الدلالة.
  فالجواب: أن ذلك كله حجة عليه لا له؛ لأن الآية صرحت أن السالم من العذاب هم المؤمنون، والإيمان اسم شرعي لمن جمع بين القول الحق، والعمل به، والاعتقاد له، ولا يطلق اسم الإيمان في الشريعة على الزناة والسراق، والفجار والفساق(١).
(١) قال ¦ في التعليق: ويأتي قول محمد بن إبراهيم الوزير: إن الفاسق لا يسمى مؤمناً عند أهل السنة، وذكر أيضاً أن ابن بطال استدل على ذلك بقوله تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ ..} إلى آخر الآية [الأنفال: ٢]، قال: فأخبر تعالى أن المؤمنين على الحقيقة من كان هذه =