كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[كرامات الصالحين]

صفحة 13 - الجزء 4

  يضيف إليه سبحانه وتعالى شيئاً منها؛ فأما ما اختص به أهل الجبر والقدر من الكذب الظاهر في هذا الباب فهو أكثر من أن يحصى، وكل يلقى عمله، وربك أعلم بمن هو أهدى سبيلا.

  فأقول [أي: الفقيه] وبالله التوفيق: كرامات الصالحين تنكرها المعتزلة رأساً، وشبّهوا ذلك بمعجزات الأنبياء، فإن كان هذا الرجل يذهب مذهبهم فهو منكر لها، وإنما موّهها بشيء لا حاصل تحته ولا طائل، فاشترط شرطين حاصلها التكذيب بها، وإنما أراد إظهار التجمّل لئلا يُقال: إنه منكر لكرامات الصالحين، ويوهم أيضاً أن الكرامات لهم دون غيرهم، فلو أنه أظهر مذهبه ولم يدلس كان أقوم له عند الله تعالى؛ أما قوله: أن لا يقارنها دعوى نبوة ولا استفساد؛ فلو أن الولي ادعى النبوة على الله سبحانه عند خرق العادة لما خرق له العادة، ولا أعطاه تلك الكرامة؛ لأنه قد صار كذاباً مُحتالاً، وليست هذه صفة الأولياء؛ كيف والكرامات إنما تظهر على الأولياء على جهة لا يعلمها ولا يخطر بباله، وربما دعا فأجيب، وربما لم يدع فأُعطي، فيكون خرق العادة بغير اختياره، والمعجز يجب أن يكون واقعاً عند دعوى النبي ÷ للرسالة، على حسب ما طلب واختار وسأل، حتى يدل على صدقه، فهذا الفرق بينهما».

  والجواب [المنصور بالله]: أن الغرض بالكلام ألا يُظهر تعالى الكرامة على من يعلم سبحانه أنه يدعي عندها أو بعدها أو عقيبها النبوة، أو يفسد أحداً من المكلّفين بها في الحال أو في المآل، وسائر ما ذكر في هذا الباب دخول في ذكر المعجز وشروطه، ووجوه حسنه ووجوبه.

  وهل يفترق الحسن والوجوب أم لا، وهل يتقدم المعجز على الدعوى أو الدعوى على المعجز، وهل يعمّ التكليف بذلك أو يخص، وهل يكون لطفاً في العقل أو السمع أو فيهما معاً، أو في الفرض والنفل أو في أحدهما، وبماذا فارق الكرامة والشعبذة.