كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[كرامات الصالحين]

صفحة 14 - الجزء 4

  وفي كلام الفقيه ما يدل على أن شيئاً من ذلك لم يدرج في عشّه، فالاشتغال معه في شيء من ذلك إضاعة.

  ثم قال [أي الفقيه]: وأما قوله [أي القرشي]: ينزّه الله تعالى من القبائح والفحشاء، ولا يضيف إليه شيئاً منها - فنحن ننزه الله تعالى عن الأمر بها، والرضا بها وهم يرون إخراج الله تعالى عن قدرته ومشيئته واستبدادنا بها دونه، ويجبرونه على أفعالهم، فهم المجبرة معنى والقدرية يقيناً كما سبق.

  فالجواب [المنصور بالله]: أنه ناقض حيث قال: ننزه الله تعالى عن الأمر بها والرضا بها، واحتج على أنه خالقها ومحدثها ومبدعها، فصارت زبدة جوابه: أنه خالقُ كل قبيح وفحشاء ومحدثُه لا فاعل له سواه، لكنه لا يأمر به ولا يرضاه، وأضاف إلى خلقه الفواحش كراهية لها، وإلى الباري خلقها وغضبه على حدوثها، وبئس المذهب ما يؤدي صاحبه إلى هذا، وهذه مقالة سوى المقالات التي يتنقل بينها عند بحثه عن مسألة خلق الأفعال، ينبغي أن تدخل في ذلك العدد الذي جمع فيه الأقوال المتناقضة التي ما قال بوجهين منها أحد من العقلاء لا من المسلمين ولا من الكفار على وجه الجمع، فكيف بمن يتردد بينها، فنعوذ بالله من الحور بعد الكور⁣(⁣١).

  وأما قوله [أي الفقيه]: فهم المجبرة معنى والقدرية يقينا.

  فالجواب [المنصور بالله]: ما سبق⁣(⁣٢)، ولولا خشية الإملال من الإطالة لوقعت الإعادة لما ألزمناه مما لا محيص له عنه من كونه جهمياً جبرياً بغير شك، وقدرياً بلا مرية.

  ثم قال [أي الفقيه]: وأما قوله [أي القرشي]: فأما ما اختص به أهل الجبر والقدر من


(١) الحور بعد الكور: أي القلّة بعد الكثرة، ويروى: «الكون». ويقال: الحور: الرّجوع في الضّلالة بعد الهدى. ومنه: «اللهمّ إنّا نعوذ بك من الحور بعد الكور». اهـ (الأمثال للهاشمي رقم (٤٠٠١).

(٢) في الجزء الثالث.