كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[كرامات الصالحين]

صفحة 15 - الجزء 4

  الكذب الظاهر في هذا الباب - فقد⁣(⁣١) بينّا أنه الجبري والقدري، وأنه الكذاب ولا حظّ له ولا لفرقته أصلاً في كرامات الأولياء لوجهين؛ أحدهما: الإنكار لأصلها فلا يظهرها الله تعالى عليهم.

  والثاني: أنها ثمرة الطاعة والمجاهدة، وليسوا كذلك، وإنما قطعوا أعمارهم بالاشتغال بالجدال، وأفنوها بقيل وقال، فليس لهم حظ فيها، فلما لم يجدوا شيئاً منها أنكروا أصلها، وهذا جهل عظيم وخزي كبير؛ هذا إن كان هذا الرجل يذهب مذهب المعتزلة فإنها قد أجمعت على إنكار الكرامات، وإن كان يذهب مذهب أهل السنة والجماعة فلا يخفى عليه صحة الكرامات ولا وجودها لأولياء الله، ولا يحتاج إلى أن نظهر له ما هو عارف به.

  فالجواب [المنصور بالله]: أنه أعاد دعواه أنّا أهل الجبر والقدر، وقد بينا أنه أحق بذلك بالأدلة الصحيحة.

  وأما تصريحه بأنه الكذاب بغير دلالة فلا وجه يوجب ذلك، فلا يحسن بعاقل فضلاً عن صاحب دين يدعو إليه أن يتخلّق بهذه الأخلاق.

  وأما دعواه [أي الفقيه] أنه لا حظ لنا⁣(⁣٢) في الكرامة لوجهين؛ أحدهما: الإنكار لأصلها.

  فالجواب [المنصور بالله]: أنا قد قلنا: إنها عندنا حق حيث لا يقارنها وجه قبح.

  وقوله: والثاني أنها ثمرة الطاعة، وقال: وليسوا كذلك، وهو لا يعلم حال مخاطبه ولا طريقته ظاهراً وباطناً، على أن قوله أنها ثمرة الطاعة والمجاهدة قد أخزاه الله به، لأن الطاعة والمجاهدة إن كانت فعلهم صح قوله، وإن كانت فعل الله كما يذهب إليه هذا القائل، فكيف يكون فعله تعالى ثمرة فعله لولا عمى بصيرة المورد لهذا القول.


(١) بداية كلام فقيه الخارقة.

(٢) له (نخ).