كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[الدليل على ثواب المطيع وعقاب العاصي]

صفحة 49 - الجزء 4

  الأعمال هي التي تنفع وترفع، وتدخل الجنة، ويسلم بها فاعلها من النار، وأن العبيد يستحقون على طاعتهم الثواب الجزيل، وعلى معصيتهم العقاب الوبيل، والخزي الدائم الطويل، ولولا أن الأعمال تنفع لما أمر بها الحكيم سبحانه؛ لأنه لا يأمرنا لحكمته بفعل ما لا ينفع، ولا ترك ما لا يضر، فتأمل ذلك إن كنت من أهله.

  فلست أقول [أي: الفقيه] إن الأعمال هي التي تدخل الجنة وتنجي من النار، بل أقول: إن الله ø يدخل المطيعين الجنة بوعده السابق لهم بذلك، فإن إدخاله الجنة فضل منه ورحمة؛ إذ لا قيمة لأعمالهم الحقيرة المغمورة في جنب نعم الله تعالى عليهم، وأياديه لديهم، ويدخل الكافرين النار ويخلدهم فيها، ويغفر لمن يشاء من الموحدين الذنوب التي اقترفوها إن شاء، ويدخل من شاء منهم النار ولا يخلد فيها⁣(⁣١)؛ بل يُشَفّعُ فيه النبي ÷ كما قدمنا، وأن إدخاله من أدخل النار عدل منه، وأنه لا يجوز عليه الظلم والجور، ولا يتصور نسبة ذلك إليه، وأقول: قد أخبر الله ø في كتابه أنه لا يسوي بين المؤمنين والكافرين، ولا بين العاصين والمطيعين.

[الدليل على ثواب المطيع وعقاب العاصي]

  فالجواب [المنصور بالله]: أنه غالط في كلامه؛ لأن المراد أن الطاعة يستحق بها الثواب، والمعصية يستحق بها العقاب؛ فقال: لست أقول بأن الأعمال هي التي تدخل الجنة وتنجي من النار، وما ذكر سوى أن الله تعالى يدخل المطيعين الجنة بوعده السابق لهم.

  فالجواب: أن يقال له: ما وعد به هو حق لهم لا بد أن يصلوا إليه، أو كان يجوز أن يفعله بهم وأن لا يفعله؟

  فإن قال بالأول ترك مذهبه، وأثبت أن الثواب حق للمثاب. وإن قال


(١) قال ¦ في التعليق: قد تقدم لك أن الموحد لم يدخل في الوعيد، فكيف يقدر دخوله النار، ثم يخرج بشفاعة النبي المختار صَلَّى الله عَلَيْه وآله الأطهار، تمت.