كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[جعل أهل البيت (ع) كسائر الأمة]

صفحة 56 - الجزء 4

  لأن المؤمن لا يكذب على قوله، وخالف في ذلك ظاهر الخبر، بل كان يلزم على طريقته وأهل نحلته أن يقول #: من كذب بالشفاعة نالها⁣(⁣١) لأنها للعاصين الفاسقين الكاذبين، ومن صدق بالشفاعة لم ينلها؛ لأن من صدق بها يكون من المؤمنين، ولا شفاعة للمؤمنين عندهم، بل هي لأصحاب الكبائر، ومن الكبائر التكذيب بالشفاعة.

  فإن قال: المكذب بها كافر، قلنا: ليس الخبر في الظهور كسائر ما يعلم من أصول الدين والأخبار المتواترة حتى يكفر من كذبه.

  ثم إن سلمنا ذلك، فليس في ذلك ما يدل على أنها للفساق خاصة، بل لا يمتنع أن يقال إنها للمؤمنين، لأن حالة الفاسق أقرب إلى الكافر من حالة المؤمن، لأنهما اجتمعا في باب المعصية واستحقاق الاستخفاف والإهانة، والبراءة واللعن، واطراح الشهادة، وما شاكل ذلك فبطل تعلقه بالخبر من كل وجه، وقد تكلمنا عليه في موضعه بما هو أبسط مما هاهنا.

[جعل أهل البيت (ع) كسائر الأمة]

  ثم قال [أي: الفقيه]: وأما قوله [أي: القرشي]: فإن قال بأنهم في هذا الباب كغيرهم من سائر الأمة، فكيف يحسن منه الإزراء الفظيع، والسب الشنيع، لمن هو عند الله من الفائزين - فأقول: لم أقل إنهم كغيرهم، ولا سببت أحداً من أهل البيت الطاهرين، ولا من كان على مذهبهم وطريقتهم، فأما من خالف معتقدهم فقد ورد من تبكيته وتعييره على خلافه لهم ما جعله هذا الرجل إزراء فظيعاً، وسباً شنيعاً، ولم يعلم أن الإزراء الفظيع، والسب الشنيع؛ إنما هو مخالفة اعتقادهم، وسلوك غير سبيلهم؛ ثم عاد إلى جهله القديم فكتب الفظيع بالضاد، وكم له من التهور والسقوط، والخلاف والعناد.


(١) قال ¦ في التعليق: لعله يقول: التكذيب بالشفاعة كفر، لكن يمكن في التكذيب بأصل الشفاعة، وأما [أنها] للعاصين فالدليل قضى بخلافه؛ فكيف يكفر من وافق الدليل؟ تمت.

[نعم]، قد نبه الإمام على هذا قريباً تمت.