[الفقيه لا يعتمد على التواريخ]
  «الولد للفراش وللعاهر الحجر» فخالف ذلك معاوية وخلافه كفر؛ لأن خلاف ما علم من الدين ضرورة كفر بالإجماع، وهذا الحديث مما علم ضرورة.
  ولأن التكليف عند الفقيه يحسن من الله تعالى بما أمكن، ويذم العبد عنده على ترك ما لم يتمكن من فعله، فما المانع أن يستحق معاوية الذم على ما لم يتمكن من فعله من التوبة الصحيحة؟
  ومن أعجب أمر الفقيه وما أكثر العجب في أمره كما قال تعالى: {وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ}[الرعد: ٥]، أن الفقيه رجا لمعاوية الخير مع ارتكابه العظائم، لما ادخر من قراظة أظفار النبي ÷ وثوبه!
  وأبعدَنَا من ذلك ولم نرتكب كبيرة نعلمها كبيرة، ولا أحد من آبائنا $ إلى محمد وعلي، ونحن لحم رسول الله ÷ ودمه وشعره وبشره، فلينعم النظر الواقف على هذا الكتاب في هذه النكتة وأمثالها من محاورتنا لصاحبنا هذا.
  ومع أنه ما علم منا معصية، ولا أخبره عنها مخبر يصح خبره؛ لأنه لا يصح إلا خبر من أحكم الصحة، والفقيه قد حسّن الظن في فساق الأمة من الحجاج بن يوسف فمن دونه، وعظّم شأنهم بالخروج من النار، بعد أن قضوا كل وطر، وكل غرض في هذه الدنيا، وسفكوا الدم الحرام، وفعلوا الآثام.
  ثم طعن علينا نهاية الطعن، وأورد أقبح من اللعن بالنسبة إلى المجوسية والإلحاد، إلى غير ذلك من المذام والقبيح، وليس العدوان والظلم والحيف إلا في قوله لمن تأمله، وحكى أن أحداً لا يقدر على تحريك ساكن، ولا تسكين متحرك إلا أن يفعل ذلك الله سبحانه.
  ثم ألزمنا الذم في أفعال لم يتيقن أنها أفعالنا، ولا أصوله تؤدي إلى ذلك، ولأن الحاصل عنده فعل الله سبحانه من زيادة ونقصان، ولو تيقن أنه فعلنا فهل كنا نقدر نزيد ما نقصنا، أو ننقص ما زدنا، فهلا عَذَرَنا لكون ذلك من فعل الله تعالى، فما هذا الحيف الشديد، والضلال البعيد؟!