كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[دعوى الفقيه أنه يسعه السكوت عن يزيد - والرد عليها]

صفحة 78 - الجزء 4

[دعوى الفقيه أنه يسعه السكوت عن يزيد - والرد عليها]

  وأما قوله [أي: الفقيه]: على أنه يسعنا السكوت عن يزيد؛ لأن النبي ÷ لم يذكره بفضل فيصير إليه، ولا تعبدنا بلعنه فنلعنه، ولا نحن نحبه فيلزمنا الذب عنه، ولولا ما ورد عن النبي ÷ في أمر معاوية، والثناء عليه، والدعاء له بما لا يجوز لنا العدول عنه، لم نسلك في حقه الطريق التي سلكناها، غير أنا نتبع ولا نبتدع. وأما البيعة ليزيد، فقد ذكرنا أن العصمة غير حاصلة لمن هو أفضل من معاوية؛ فكيف هو؟

  فالجواب [المنصور بالله]: أن قوله: يسعنا السكوت لأن النبي ÷ لم يذكره، قول باطل؛ لأنا لو لم نكلف فيما حدث من المكلفين من طاعة أو معصية إلا بأن يرد فيه بعينه من النبي ÷ نص بأحد الأمرين، وما يستحقه بسبب ذلك الفعل؛ لما جرى منا مدح وتعظيم لمحسن، ولا ذم لمسيء.

  ومعلوم أن الشريعة قد وردت بذلك من دون تعيين شخص من كتاب ولا سنة؛ فكيف يعتل بهذه العلة القاصرة، الموردة له إلى الساهرة، المنزلة به الفاقرة.

  وكذلك اعتذاره في أمر معاوية، أنه ما سلك في التأويل له إلا ما يوافق الأخبار من الدعاء له، والثناء عليه من النبي ÷.

  والجواب: ما قدمنا أن ذلك لو كان صحيحاً فإن الأعمال بخواتيمها، فإن أفضل منه في وقته لم يسلم له ذلك إلا باشتراط الاستقامة، فكيف بمعاوية، وقد عرف الكل حاله، وسنحكي طرفاً مما ورد إلينا في أمره من رواية من لا يستجيز الكذب أصلاً، ولا يتخذه مذهباً، كما ذهب إليه الفقيه في رسالته الخارقة.

[من معائب معاوية]

  وأما قوله [أي: الفقيه]: قال القدري [أي: القرشي]: وأمّا خطأ معاوية؛ بل فسقه، بل كفره، فقد صحّ بالأدلة الصحيحة الواضحة.

  أما تخطئته فقد أقرّ بها صاحب الرسالة فلا يحتاج فيها إلى تكلّف دلالة.