كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[دعوى الفقيه أنه يسعه السكوت عن يزيد - والرد عليها]

صفحة 79 - الجزء 4

  وأما فسقه فلا خلاف بين العترة الطاهرة، ومن وافقها من العدلية؛ أن الخروج على الإمام العادل فسق، بل الخروج عن طاعته فسق⁣(⁣١)، فكيف بمحاربته، وإجماع العترة حجة على ما قدمنا ذكره وهو قوله تعالى: {هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ}⁣[الحج: ٧٨]، بين سبحانه أن الغرض ليكونوا شهداء على الناس، وهو سبحانه لا يستشهد إلا العدول الذين لا يجمعون على ضلالة، وقد خرج من ذلك سائر ولد إبراهيم # من اليهود والنصارى وغيرهم؛ لأنه لا قائل به، وبقي من يدعيه وهم أهل بيت محمد ÷ الذين سماهم به # داخلين تحت هذا الوصف.

  فلو كانوا يجمعون على ضلالة لما اختارهم له شهداء، وذلك معلوم من دينهم $ واعتقادهم، فكان حجة على فسق معاوية، ولا إشكال في خروجه على أمير المؤمنين # ومحاربته له.

  فنقول [أي: الفقيه] وبالله التوفيق: أما ما ذكر من أن الخروج على الإمام العادل فسق، وذكر إجماع العترة واحتج بالآية - وليس الأمر كما ذهبت إليه، فإن الخروج على الإمام إنما يكون فسقاً إذا لم يكن للخارج شبهة ولا تأويل، وقد ذكرنا شبهة معاوية من قبل.

  ثم نحتج على ما ذكرنا فنقول: قد قال الله تعالى: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ}⁣[الحجرات: ٩]، فسماهما مؤمنين مع وجود البغي من إحداهما، والفاسق عندكم لا يسمى مؤمناً.


(١) قال ¥ في التعليق: إذا كان الخروج عن الطاعة فسقاً بإجماع العترة فكذا عدم الدخول فيها بالأولى، أو مساوٍ، كمن خرج عن طاعة الرسول، ومن لم يدخل في طاعته فإنه كافر في الحالتين، تأمل. تمت كاتبها.