كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[من معائب معاوية]

صفحة 80 - الجزء 4

  والجواب [المنصور بالله]: أن ادعاءه أن الخروج على الإمام فسق إذا لم يكن للخارج شبهة ولا تأويل - دعوى لا دليل عليها؛ لأن ما دل على كون الخروج على الإمام فسقاً لم يفصل بين من يخرج لشبهة أو لمكابرة، فالاستثناء من غير دلالة لا يصح.

  على أنه لو صح هذا لكان لكل من خرج على إمام من أئمة الهدى أن يقول: إنه لأجل كذا، ويذكر وجهاً يدعيه شبهة، وهذا يؤدي إلى تسليم من خرج على أئمة الحق قاطبة، وذلك باطل.

  على أنه قد ورد فيمن منع أبا بكر الزكاة، وطلب إخراجها فيمن عنده من الفقراء أنه قال: لو منعوني عقالاً مما أعطوا رسول الله ÷ لقاتلتهم عليه، لما اعتقد أنه ولي الأمة، وهذا فيمن منع الزكاة لشبهة، وهو أنه اعتقد أنه يجوز له إخراجها إلى الفقراء من دون الإمام، وفصلوا في ذلك بين النبي والإمام بزعمهم، فكيف بمن يخرج على الإمام ويحاربه؟

  وهلا جعل اعتقادنا أن الإمام علي # دون أبي بكر بمنزلة الخروج على الإمام ومحاربته؟ وهلا جعل دليلنا من الكتاب والسنة بمنزلة شبهة معاوية الواهية؟ التي جعلها عذراً له في حرب إمام الهدى، الذي حربه حرب رسول الله ÷ بقوله: «أنا حرب لمن حاربكم، وسلم لمن سالمكم» فهلا حَسَّنَ الظن فينا وجعلنا مؤمنين؟ فتأمل أيها الفقيه ما ذكرنا لك بعين النصفة إن كنت من المنصفين.

  وأما احتجاجه بالآية وتسمية الباغي والمبغي عليه مؤمنين؛ فالمراد بذلك قبل وقوع البغي بينهما والقتال، وهذا كما تقول: إن المؤمن إذا ارتد وجب قتله، ولا يوجب ذلك كونه مرتداً في حال إيمانه، ولا مؤمناً في حال ردته.

  وقد روينا من طريق ناجية التيمي، وقد ذكرناه فيما تقدم بإسناده إلى محمد بن المنكدر، عن جابر بن عبدالله الأنصاري أن رسول الله ÷ قال: «لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن، ولا