كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[ذكر طلحة والزبير وعائشة وما ارتكبوه في حق الوصي # وما قيل في توبتهم]

صفحة 95 - الجزء 4

  وعائشة ومعاوية فساق، لخروجهم على علي # سوى القدرية والباطنية.

  فالجواب [المنصور بالله]: أنا قد بينا ما يشهد بفسق من ظلم ومن حارب إماماً محقاً، ومن أعان عليه، ومن سب مؤمناً، ومن أبغض علياً إلى غير ذلك، وشهد الصادق الذي لا يكذب بفسقهم، وأنهم من أهل النار، فأين الفرار بعد ذلك، ولم نذكر في ذلك إلا خمسة أحاديث سوى ما تركناه مما لو تقصيناه لطال.

  ويكفيك من الأخبار ما قدمنا في ذكر التحابط، وفي الشفاعة، وفي خلود الفساق؛ فإن في جميع ذلك ذكر أن من أتى بكبيرة فليس بمؤمن لفظاً ومعنى.

  إلا أن طلحة والزبير وعائشة قد بلغتنا توبتهم⁣(⁣١)، ولو ماتوا مصرين لقضينا


(١) قال ¥ في التعليق: بلغ الإمام توبة طلحة والزبير وعائشة، وقد مرّ ما في ذلك مما يبعد صحة الرواية بتوبتهم في حاشية الجزء الثالث فراجعه إن شئت.

ويقال: هذه الأخبار التي ذكرها الإمام في الأصل لا تفيد الجزم بصحة توبتهم؛ أما الزبير فلو كانت توبته نصوحاً لمال إلى جانب علي #، وبيّن للناس، وأصلح ما أفسد، فقد قال تعالى: {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا}⁣[البقرة: ١٦٠]، وقال تعالى: {وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ١١٩}⁣[التوبة]. وقد مرّ ذكر أن الآية نزلت في علي # عن ابن عباس في حاشية الجزء الأول. ويأتي أيضاً أنه روى ذلك الحاكم والخوارزمي عن ابن عباس، وأخرجه الكنجي وابن عساكر عن جابر عن أبي جعفر.

على أن هذا الخبر [أي المروي في الأصل] يفيد أنه لم يقع منه إلا الحملة على أصحاب علي # ولم يطعن ولم يضرب، ومثل هذا لا يكون مصداق قول النبي ÷: «لتقاتلن علياً وأنت له ظالم» ولا يصح حمله على التجوز، فإن ظاهر قول علي في جوابه وقوله: (والله لا كذب رسول الله) يفيد أنه لا بد من حقيقة القتال. وقد مرّ ذكر الثلب للزبير من ابن عقيل بحضور المعصوم الحسن السبط ولم ينكر، وكذا ابن عباس في محاورتهما لابن الزبير فعيراه وتنقصاه، فلو كان من التائبين لما وقع من بني هاشم مثل هذا، وهم معدن الحلم والصفح.

وأما طلحة فقد مرّ رواية أبي مخنف أن علياً قال فيه: (لقد كان لك قدم لو نفعك، لكن الشيطان أزلك فأضلك، فعجلك إلى النار).

ولو لم يكن مما يبعد صحة توبته هو والزبير إلا دعاء علي # عليهما وقوله: (فلا تغفر لهما أبداً) وقوله في خطبته بعد فتح مصر وقتل محمد بن أبي بكر: (وقد أدال الله منهم بعد ذكرهما فبعداً للقوم الظالمين) وقال فيها: (حتى ظهر أمر الله وهم كارهون).

وأما عائشة فقد روى يحيى بن الحسين العقيقي في كتاب أنساب الطالبيين من قصة يوم البغل، وما =