كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[فضيلة عظيمة لمن ذكر فضيلة من فضائل أمير المؤمنين #]

صفحة 104 - الجزء 4

  يكون قائلاً بفسقهم، واستحقاقهم للسب⁣(⁣١) والبراءة! كما ألزمته في أول رسالتك، هل هذا من النصفة بسبيل؟ أو هل عندك على ما حكمت به من جانب خصمك من دليل؟

  ثم حكى في أثناء هذه القاعدة مع ما ذكرنا من الحكايات المدفوعة، والأحاديث الموضوعة، من الإكذاب والتهجين بمعاوية وغيره ما لا يحتاج إلى ذكره، إذ لا دليل فيه، ولا تابعه من أهل الثقة والدين من نقلة الأخبار والسير أحد عليه، وقد ذكرنا جمل ما زعم أنه كفر به معاوية.

  فأقول [أي: الفقيه] وبالله التوفيق: اعلم أولاً أنا أهل السنة والجماعة لا نعدل بمعاوية علياً، ولا بعمرو بن العاص ويزيد، حسناً ولا حسيناً؛ بل نعتقد لأهل البيت $ فضلهم، ولا نجهل قدرهم، ولولا حرمة معاوية بكونه صهر النبي ÷ وصاحبه، وقد أثنى عليه، ودعا له، وأخبر أنه من أهل الجنة، مع علمه بما يؤول إليه أمره، وبأنه يقاتل علياً باغياً عليه، لما تعرضنا لذكره، ولا نابذنا عنه مَنْ سبه وهجنه.

  وعلمنا أن الصواب الكف عن أعراض المسلمين، لا سيما مع كثرة التعصبات واختلاف الأهوية، وبُعْد العهد عما كان بين القوم، وعدم الثقة بتفاصيل الأمور التي يوردها المؤرخون، ويعتمد عليها المقتحمون.

  مع ما صح في النقل أن علياً # كان يصلي على أصحاب معاوية بصفين، والجمل، ويترحم عليهم، ويدعو لهم، ويقول لما مر عليه ابن طلحة: إني⁣(⁣٢) لأرجو أن أكون أنا وأبو هذا ممن قال الله فيهم: {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ ٤٧}⁣[الحجر]. فقال له رجل: دين الله إذاً أضيق من حد السيف، تقاتلهم ويقاتلونك، وتكون أنت وهم إخواناً على سرر متقابلين؟


(١) للسبة (نخ).

(٢) هذا الخبر سنده ضعيف، قاله ابن حجر. انتهى من التخريج.