[بيان شفاعة النبي ÷]
  يذكر بعد ذلك مشائخه الموصلين له، أو يكل ذلك إلى من يثق بروايته من شيوخه.
  وعلى أنا قد تكلمنا فيما يتعلق بهذا الخبر وما يدل على تناقضه، متى روي على ما رواه، وعلى أنه قد عارضه من الأخبار مع الآيات ما قدمنا ذكره؛ فأي الخبرين أراد الفقيه المعارضة به بَيَّنه؛ فإنه عارض بخبر الشفاعة مطلقاً وهما نوعان، وإن كان في كل نوع آحاد أخبار على ما ذكره في رسالته.
  وأما قوله [أي: الفقيه]: كفَّرْتَ معاوية بزعمك لخلافه لهذا الحديث بعلم أو بظن؛ فإن كان بظن فإنه لا يجوز تكفير لمسلم ثابت الإسلام بالاحتمالات والظنون.
  وإن قلت: بعلم؛ قلنا لك: أفأحاديث الآحاد توجب العلم أم لا؟ فإن قلت: توجب العلم، خرجت عما عليه أهل العلم، ودل على جهلك وتقحمك.
  وإن قلت: لا توجب العلم، قلنا لك: فلا يجوز تكفير مسلم بالظن، ولعمر الله إن هذا لا يخفى على من له بعض نظر في العلم، وما أظنك تجهل هذا بل تعرض عنه إعراض الجاهلين.
  فالجواب [المنصور بالله]: أن هذا الخبر وما جانسه مما قد عرفته الأمة وتلقته بالقبول، ولم يعرف من أحد ممن يعتمد على قوله في العلم أنه رده، ولا قال لا أصل له؛ فإنه يحكم على من خالفه بأنه رد ما هو معلوم من الدين ضرورة، أو ما يجري مجرى الضرورة، من حيث إن الكل مصدق بالخبر غير مكذب له ولا منكر، ومن حيث إنه ليس فيه من الإشكال ما يلتبس على سامعه، فمتى كان هذا هكذا حكم بكونه راداً لما يعلم من الدين صحته.
  ولا شك أن الراد لما هذه سبيله يكفر بلا خلاف، كمن يقول: إن الصلاة الرباعية سداسية، أو الثلاثية رباعية، أو أن الحج يجب مراراً بأصل إيجاب الله تعالى، أو يخالف مقادير النصب للعشور والزكوات، أو فيما ورد من تحريم