كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[بيان معنى الفاسق]

صفحة 118 - الجزء 4

  أما الأول: فإنه حكى أنه لم يخالف في أن الفاسق ليس بمؤمن إلا الخوارج، وهذا قول باطل؛ لأن هذه المسألة افترقت الأمة فيها وتحزبت أحزاباً، وهي من المسائل العظيمة في الدين.

  فقالت الخوارج فيها: إن الفاسق⁣(⁣١) كافر، وهو من أخل بواجب، أو فعل كبيرة من أهل الشهادتين.

  وقالت المرجئة: إنه مؤمن. وقال بعض المعتزلة وهو الحسن البصري: إنه منافق.

  وقال سائر أهل العدل: إنه فاسق، ولا يطلق عليه واحد من هذه الأسماء الأخر.

  والدليل على صحة المذهب الآخر، وهو الرابع من هذه الأقوال، أن الكل أجمع على تسميته فاسقاً، ولم يدل دليل على ما سواه؛ فيجب الوقوف عند الإجماع، وإنما قلنا: إنهم أجمعوا على ذلك لأن الخوارج تقول: هو فاسق كافر، والمرجئة تقول: هو فاسق مؤمن، والحسن يقول: هو منافق فاسق، والصواب أنه فاسق، ولا يطلق عليه اسم الإيمان ولا الكفر ولا النفاق.

  ونحن نبطل سائرها؛ أما تسميته مؤمناً: فلا يصح لأن قولنا مؤمن اسم مدح وتعظيم، ولهذا يدخل بين أوصاف المدح وأسماء التعظيم، والفاسق لا يستحق المدح والتعظيم بل يستحق الإهانة والذم، والاستخفاف والبراءة، واللعن بالإجماع.

  وأما أنه ليس بكافر؛ فلأن الكفر اسم لمعاص مخصوصة، نحو الجحدان بالله⁣(⁣٢) تعالى وتكذيب رسله $ والرد لما جاءوا به من عند الله ø، وما شاكله، والفاسق لم يأت بشيء من ذلك.

  والكافر يثبت له أحكام مخصوصة، من تحريم المناكحة، والذبيحة، والدفن في


(١) قال ¥ في التعليق: وهو مذهب الناصر الأطروش # كما في البساط.

ينظر في كون الإخلال بالواجب يقتضي الفسق على أصل الإمام #، فلعل المراد حيث قام دليل على فسق من أخل ببعض الواجب بعينه، تمت كاتبه.

(٢) لله (نخ).